(أحدهما) أنه ليس برجوع، فيكون نصفه مدبرا ونصفه موصى به، كما لو أوصى به لرجل ثم وصى به لآخر (والثاني) أنه رجوع، لان التدبير أقوى، لأنه يتنجز من غير قبول، والوصية لا تتم إلا بالقبول، فقدم التدبير كما يقدم ما تنجز في حياته من التبرعات على الوصية.
(فصل) وان وصى له بعبد ثم زوجه أو أجره أو علمه صنعة أو ختنه لم يكن ذلك رجوعا، لأن هذه التصرفات لا تنافى الوصية، فإن كانت جاريه فوطئها لم يكن ذلك رجوعا لأنه استيفاء منفعة فلم يكن رجوعا كالاستخدام. وقال أبو بكر بن الحداد المصري: ان عزل عنها لم يكن رجوعا، وان لم يعزل عنها كان رجوعا لأنه قصد التسري بها.
(فصل) وان وصى بطعام معين فخلطه بغيره كان ذلك رجوعا لأنه جعله على صفة لا يمكن تسليمه، فإن وصى بقفيز من صبرة ثم خلط الصبرة بمثلها لم يكن ذلك رجوعا، لان الوصية مختلطة بمثلها، والذي خلطه به مثله، فلم يكن رجوعا، فإن خلطه بأجود منه كان رجوعا، لأنه أحدث فيه بالخلط زيادة لم يرض بتمليكها، فان خلطه بما دونه ففيه وجهان.
(أحدهما) وهو قول أبي علي بن أبي هريرة: انه ليس برجوع، لأنه نقص أحدثه فيه فلم يكن رجوعا كما لو أتلف بعضه.
(والثاني) أنه رجوع لأنه يتغير بما دونه كما يتغير بما هو أجود منه، فان نقله إلى بلد أبعد من بلد الموصى له ففيه وجهان (أحدهما) أنه رجوع لأنه لو لم يرد الرجوع لما أبعده عنه (والثاني) أنه ليس برجوع لأنه باق على صفته.
(فصل) فان وصى بحنطة فقلاها أو بذرها كان ذلك رجوعا، لأنه جعله كالمستهلك، وان وصى بحنطة فطحنها أو بدقيق فعجنه، أو بعجين فخبزه، كان ذلك رجوعا، لأنه أزال عنه الاسم، ولأنه جعله للاستهلاك، وان وصى له بخبز فجعله فتيتا ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه رجوع لأنه أزال عنه اطلاق اسم الخبز، فأشبه إذا ثرده.
(والثاني) ليس برجوع، لان الاسم باق عليه، لأنه يقال خبز مدقوق،