من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وحديث (من أعتق رقبة) رواه ثلاثتهم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه.
أما قوله: فإن قال (أعطوه شاة من غنمي الخ) فهو كما قال الشافعي رضي الله عنه : ولو أوصى بشاة من ماله، كأن قيل للورثة أعطوه أو اشتروها له، صغيرة كانت أو كبيرة، ضأنا أو معزا. اه قلت: ومعنى هذا أن الوصية جائزة ترك غنما أو لم يترك، لأنه جعلها في ماله ويعطيه الورثة ما شاءوا، ضأنا أو معزا كبيرا أو صغيرا سمينا أو هزيلا. وفى استحقاق الأنثى وجهان (أحدهما) وهو الظاهر من نصر الشافعي أنه لا يعطى إلا أنثى لان الهاء موضوعة للتأنيث (والوجه الثاني) وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن للورثة الخيار في إعطائه ذكرا أو أنثى، لان الهاء من أصل الكلمة في اسم الجنس فاستوى فيه الذكر والأنثى، ولكن لو قال شاة من غنمي وكانت غنمه كلها إناثا لم يعطى إلا أنثى. وكذلك لو كانت كلها ذكورا لم يعط لا ذكرا منها. وهكذا لو دل كلامه على المراد منها حمل عليه. مثل قوله شاة ينتفع بدرها ونسلها لم يعط إلا كبيرة أنثى لتكون ذات در ونسل، وسواء كانت ضأنية أو معزية. فان قال شاة ينتفع بصوفها لم يعط إلا من الضأن. ولو قال ينتفع بشعرها لم يعط إلا من المعز، ولا يجوز إذا أوصى بشاة من ماله أن يعطى غزالا ولا ظبيا وان انطلق عليه اسم الشاة مجازا.
ولكن لو قال شاة من شياهي ولم يكن في ماله إلا ظبي ففيه وجهان (أحدهما) أن الوصية باطلة، لان اسم الشاة يتناول الغنم، وليس بتركته فبطلت (والوجه الثاني) أنها تصح لأنه لما أضاف ذلك إلى شائه وليس في ماله إلا ما ينطلق عليه مجاز الاسم دون الحقيقة حمل عليه، وانصرفت وصيته إلى الظبي الموجود في تركته حتى لا تبطل وصيته (فرع) قال الشافعي رضي الله عنه: ولو قال: بعيرا أو ثورا لم يكن لهم أن يعطوه ناقة ولا بقرة ولو قال: عشر أنيق وعشر بقرات لم يكن لهم أن يعطوه ذكرا. ولو قال عشرة أجمال أو أثوار لم يكن لهم أن يعطوه أنثى، ولو قال:
عشرة من إبلي أعطوه ما شاءوا