فأما إذا قال أعطوه دابة فقال الشافعي رضي الله عنه: أعطى من الخيل والبغال والحمير ذكرا أو أنثى صحيحا صغيرا أو كبيرا، أعجف أو سمينا.
(قلت) لان اسم الدواب يطلق على كل ما دب على الأرض اشتقاقا من دبيبه غير أنه في العرف مختص ببعضها، فان قال: اعطوه دابة من دوابي فقد اختلف أصحابنا في قول الشافع: أعطى من الخيل والبغال والحمير الخ، فقال أبو العباس ابن سريج يحمل ذلك على عرف الناس بمصر حيث قال ذلك فيهم، وذكره لهم اعتبارا بعرفهم. أما بالعراق والحجاز فلا ينطلق إلا على الخيل وحدها ولا يتناول غيرها إلا مجازا يعرف بقرينة، فإن كان الموصى بمصر خير ورثته بين الأصناف الثلاثة، وإن كان بالعراق لم يعطوه إلا من الخيل.
وقال أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة: بل الجواب محمول على ظاهره في كل البلاد، بأن اسم الدواب ينطلق على هذه الأجناس الثلاثة، فإن شذ بعض البلاد بتخصيص بعضها بالاسم لم يعتبر به حكم العرف العام، فلو قرن ذلك بما يدل على التخصيص حمل على قرينته، كقوله: اعطوه دابة يقاتل عليها فلا يعطى إلا من الخيل عتيقا أو هجينا ذكرا أو أنثى ولا يعطى صغيرا ولا مما لا يطيق الركوب، ولو قال: دابة يحمل عليها أعطى من البغال والحمير دون الخيل، ولو قال ينتفع بنتاجها يعطى من الخيل والحمير ولا يعطى من البغال والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) فإن وصى بكلب ولا كلب له فالوصية باطلة، لأنه ليس عنده كلب ولا يمكن أن يشترى، فبطلت الوصية، فإن قال: أعطوه كلبا من كلابي وعنده كلاب لا ينتفع بها بطلت الوصية، لان مالا منفعة فيه من الكلاب لا يحل اقتناؤه فإن كان ينتفع بها أعطى واحدا منها إلا أن يقرن به قرينة من صيد أو حفظ زرع فيدفع إليه مادلت عليه القرينة، فإن كان له ثلاثة كلاب ولا مال له فأوصى بجميعها ولم تجز الورثة ردت إلى الثلث وفى كيفية الرد وجهان.
(أحدهما) يدفع إليه من كل كلب ثلثه كسائر الأعيان (والثاني) يدفع إليه