قلت: وبهذا نعلم أنه إذا أوصى بثور لم يعط إلا ذكرا. ولو قال بقرة لم يعط الا أنثى وكان بعض أصحابنا يخرج في البقرة وجها آخر أنه يجوز أن يعطى ذكرا أو أنثى كالشاة لان الهاء من أصل اسم الجنس ولا يجوز أن يعدل في الوصية بالثور والبقرة إلى الجواميس بخلاف الشياء التي ينطلق عليها اسم الضأن والمعز إلا أن يكون في كلامه ما يدل عليه. أو يقول بقرة من بقرى وليس له إلا الجواميس فتنصرف إلى الجواميس، وإن كان اسم البقر يتناولها مجازا. لان إضافة الوصية إلى التركة قد صرف الاسم عن حقيقته إلى مجازه. ولا يجوز ان يعدل به إلى بقر الوحش، فان أضاف الوصية إلى بقره ولم يكن له الا بقر الوحش فعلى ما ذكرنا من الوجهين فأما إذا أوصى ببعير فمذهب الشافعي انه لا يعطى إلا ذكرا، لان الاسم بالذكور أخص. وقال بعض أصحابنا هو اسم للجنس فيعطى ما شاء الوارث من ذكر أو أنثى.
فأما إذا أوصى له بحمل لم يعط الا ذكرا لاختصاص هذا الاسم بالذكور.
ولو أوصى بعشر من إبله أعطاه ما شاء الوارث من ذكور وإناث، وسواء أثبت الهاء في العدد أو أسقطها.
ومن أصحابنا من قال: إذا أثبت الهاء في العدد فقال عشرة من إبلي لم يعط الا من الذكور لان عددها باثبات الهاء كما هو معروف في قواعد النحو في العدد وان أسقط الهاء في العدد فقال: عشر من إبلي لم يعط الا من الإناث، لان عددها باسقاط الهاء لقوله تعالى (سبع ليال وثمانية أيام حسوما) وقوله (سبع سماوات طباقا) وقوله (سبع بقرات سمان يأكلن سبع عجاف) وكما نقول عشر نسوة وعشرة رجال. وهذا لا وجه له لان اسم الإبل إذا كان يتناول الذكور والإناث تناولا واحدا صار العدد فيها محمولا على القدر دون النوع وأما إذا قال أعطوه مطية أو راحلة فذلك يتناول الذكور والإناث فيعطيه ما شاء الوارث منها.