ومن أصحابنا من قال: يصح ويجعل المال بينهما، كما أوصى له بمثل نصيب ابنه، فإن وصى له بمثل نصيب ابنه وله ابن كافر أو قاتل فالوصية باطله، لأنه وصى بمثل نصيب من لا نصيب له، فأشبه إذا وصى بمثل نصيب أخيه وله ابن.
(الشرح) قال الشافعي رضي الله عنه: ولو قال لفلان نصيب أو حظ أو قليل أو كثير من مالي، فما أعرف لكثير حدا الأحكام: إذا أوصى لرجل بنصيب من ماله أو حظ أو قليل أو كثير ولم يحد ذلك بشئ فالوصية جائزة ويرجع في بيانها إلى الورثة، فما بينوه من شئ كان قولهم فيه مقبولا، فإن ادعى الموصى له أكثر لأن هذه الأسماء كلها لا تختص في اللغة ولا في الشرع ولا في العرف بمقدار معلوم لاستعمالها في القليل والكثير ولان القليل والكثير حد، لان الشئ قد يكون قليلا إذا أضيف إلى ما هو أكثر منه، ويكون كثيرا إذا أضيف إلى ما هو أقل منه وحكى عنه عطاء وعكرمة أن الوصية بما ليس بمعلوم من الحظ والنصيب باطلة للجهل بها. وهذا فاسد لان الجهل بالوصايا لا يمنع من جوازها، ألا ترى أنه لو أوصى بثلث ماله وهو لا يعلم قدره جازت الوصية مع الجهل بها، وقد أوصى أنس بن مالك لثابت البناني بمثل نصيب أحد ولده أما إذا أوصى له بسهم من ماله فقد اختلف الناس فيه، فحكى عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه والحسن البصري وإياس بن معاوية وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل أن له سدس المال. وقال شريح بدفع له بينهم واحد من سهام الفريضتين. وقال أبو حنيفة يدفع إليه مثل نصيب أقل الورثة نصيبا ما لم يجاوز الثلث، فان جاوزه أعطى الثلث. وقال أبو ثور أعطيه سهما من أربعة وعشرين سهما وقال أبو يوسف ومحمد يعطى مثل نصيب أقلهم نصيبا ما لم يجاوز الثلث فإن جاوزه أعطى الثلث وقال الشافعي السهم اسم عام لا يختص بقدر محدود لانطلاقه على القليل والكثير كالحظ والنصيب فيرجع فيه إلى بيان الوارث، فان قيل روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض لرجل أوصى له سهما سدسا. قيل هي قضية