ونازعه في هذا ابن قدامة في مغنية وقال: لا دليل على ذلك من كتاب ولا سنة والأولى صرفه إلى المساكين وفى نزاعه نظر قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن وقف على زيد وعمرو وبكر ثم على الفقراء فمات زيد صرف إلى من بقي من أهل الوقف، فإذا انقرضوا صرف إلى الفقراء فمات زيد صرف إلى من بقي من أهل الوقف، فإذا انقرضوا صرف إلى الفقراء. وقال أبو علي الطبري: يرجع إلى الفقراء، لأنه لما جعل إذا انقرضوا وجب أن تكون حصة كل واحد منهم لهم إذا انقرض، والمنصوص في حرملة هو الأول لأنه لا يمكن نقله إلى الفقراء، لأنه قبل انقراضهم لم يوجد شرط النقل إلى الفقراء، ولا يمكن رده إلى الواقف لأنه أزال ملكه عنه فكان أهل الوقف أحق به.
(فصل) وإن وقف مسجدا فخرب المكان وانقطعت الصلاة فيه، لم يعد إلى الملك، ولم يجز له التصرف فيه، لان ما زال الملك فيه لحق الله تعالى لا يعود إلى الملك بالاختلال كما لو أعتق عبدا ثم زمن، وإن وقف نخلة فجفت أو بهيمة فزمنت أو جذوعا على مسجد فتكسرت ففيه وجهان (أحدهما) لا يجوز بيعه لما ذكرناه في المسجد (والثاني) يجوز بيعه لأنه لا يرجى منفعته فكان بيعه أولى من تركه بخلاف المسجد، فإن المسجد يمكن الصلاة فيه مع خرابه، وقد يعمر الموضع فيصلى فيه، فإن قلنا تباع كان الحكم في ثمنه حكم القيمة التي توجد من متلف الوقف وقد بيناه. وان وقف شيئا على ثغر فبطل الثغر كطرسوس أو على مسجد فاختل المكان حفظ الارتفاع، ولا يصرف إلى غيره لجواز أن يرجع كما كان.
(فصل) وإن احتاج الوقف إلى نفقة أنفق عليه من حيث شرط الواقف لأنه لما اعتبر شرطه في سبيله اعتبر شرطه في نفقته كالمالك في أمواله، وإن لم يشترط أنفق عليه من غلته، لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا بالنفقة، فحمل الوقف عليه، وان لم يكن له غلة فهو على القولين إن قلنا إنه لله تعالى كانت نفقته في بيت المال كالحر المعسر الذي لا كسب له، وإن قلنا للموقوف عليه كانت نفقته عليه (فصل) والنظر في الوقف إلى من شرطه الواقف، لان الصحابة