سبب الاستحقاق، ولا يمكن أن يسلم إلى غيرهما، لأنه قد ثبت لهما حق الالتقاط فلا يجوز اخراجه عنهما فأقرع بينهما. كما لو أراد أن يسافر بإحدى نسائه، وان ترك أحدهما حقه من الحضانة ففيه وجهان (أحدهما) يدفع إلى السلطان فيقره في يد من يرى، لان الملتقط لا يملك غير الحفظ. فأما إقرار اللقيط في يد غيره فليس ذلك إليه، ولهذا لو أنفرد بالالتقاط لم يملك أن ينقله إلى غيره.
(والثاني) وهو المذهب أنه يقر في يد الآخر من غير اذن السلطان، لان الحضانة بحكم الالتقاط لا تفتقر إلى اذن السلطان، ولهذا لو أنفرد كل واحد منهما بالالتقاط ثبت له الحضانة من غير اذن، فإذا اجتمعا وترك أحدهما حقه ثبت للآخر كالشفعة بين شفيعين.
(فصل) فاما إذا اختلفا في الالتقاط فادعى كل واحد منهما انه الملتقط ولم تكن بينة، فإن لم يكن لأحدهما عليه يد أقره السلطان في يد من يرى منهما أو من غيرهما، لأنه لاحق لهما، وإن كان في يد أحدهما فالقول قوله مع يمينه لان اليد تشهد له.
وإن كان في يدهما تحالفا، فان حلفا أو نكلا صارا كالملتقطين يقرع بينهما على المذهب، وعلى قول أبي علي بن خيران يقره الحاكم في يد من هو أحظ له، فإن كان لأحدهما بينة قضى له، لان البينة أقوى من اليد والدعوى، وإن كان لكل واحد منهما بينة، فإن كانت بينة أحدهما أقدم تاريخا قضى له، لأنه قد ثبت له السبق إلى الالتقاط، وان لم تكن بينة أحدهما أقدم تاريخا فقد تعارضت البينتان، ففي أحد القولين تسقطان فيصيران كما لو لم تكن بينة، وقد بيناه، وفى القول الثاني تستعملان، وفى الاستعمال ثلاثة أقوال (أحدها) القسمة (والثاني) القرعة (والثالث) الوقف. ولا يجئ ههنا الا القرعة لأنه لا يمكن قسمة اللقيط بينهما. ولا يمكن الوقف، لان فيه اضرارا باللقيط فوجبت القرعة.