واختلف أصحابنا فيه على ثلاث طرق، فمنهم من قال: فيه ثلاثة أقوال (أحدهما) ان القول قول الخياط، لأنه مأذون له في القطع فكان القول قوله في صفته (والثاني) ان القول قول رب الثوب، كما لو اختلفا في أصل الاذن (والثالث) انهما يتحالفان وهو الصحيح، لان كل واحد منهما مدع ومدعى عليه لان صاحب الثوب يدعى الأرش والخياط ينكره، والخياط يدعى الأجرة وصاحب الثوب ينكره فتحالفا كالمتابعين إذا اختلفا في قدر الثمن.
ومن أصابنا من قال: المسألة على القولين المذكورين في اختلاف العراقيين وهو قول أبى العباس وأبي إسحاق وأبي علي بن أبي هريرة والقاضي أبى حامد.
ومن أصحابنا من قال: هو على قول واحد انهما يتحالفان، وهو قول أبى حامد الأسفراييني لان الشافعي رحمه الله ذكر القولين الأولين، ثم قال وكلاهما مدخول فان قلنا: إن القول قول الخياط فحلف لم يلزمه أرش النقس، لأنه ثبت بيمينه انه مأذون له فيه، وهل يستحق الأجرة؟ فيه وجهان.
(أحدهما) وهو قول أبي إسحاق انه لا يستحق الأجرة، لان قوله قبل في سقوط الغرم لأنه منكر. فاما في الأجرة فإنه مدع فلم يقبل قوله.
(والثاني) وهو قول أبي علي بن أبي هريرة: ان له الأجرة لأنا قبلنا قوله في الاذن، فعلى هذا هل يجب المسمى أو أجرة المثل فيه وجهان أحدهما يجب المسمى لأنا قبلنا قوله إنه اذن له فوجب ما اقتضاه (والثاني) يجب له أجرة المثل لأنا إذا قبلنا قوله لم نأمن أن يدعى ألفا وأجرة مثله درهم.
(وان قلنا) ان القول قول صاحب الثوب فحلف لم تجب الأجرة لأنه فعل ما لم يؤمن فيه ويلزمه أرش القطع لأنه قطع ما لم يكن له قطعه. وفى قدر الأرش قولان (أحدهما) يلزمه ما بين قيمته مقطوعا وصحيحا لأنا حكمنا انه لم يؤذن له في القطع فلزمه أرش القطع (والثاني) يلزمه ما بين قيمته مقطوعا قميصا وبين قيمته مقطوعا قباء، لأنه قد اذن له في القطع، وإنما حصلت المخالفة في الزيادة فلزمه أرش الزيادة، فإن لم يكن بينهما تفاوت لم يلزمه شئ وإذا قلنا: إنهما يتحالفان فتحالفا لم تجب الأجرة، لان التحالف يوجب رفع العقد، والخياطة من غير عقد لا توجب الأجرة وهل يجب أرش القطع فيه قولان