أما إذا اتفقا على تعيين موضع آخر، فإن كان أقرب إلى مكة من الشرعي فالشرط فاسد يفسد الإجارة إذ لا يجوز لمريد النسك تجاوز الميقات دون إحرام وإن كان أبعد كدويرة أهله فيلزم الأجير الاحرام منها وفاء بالشرط، فان جاوزها ثم أحرم فهل يلزمه الدم؟ فيه وجهان (أصحهما) كما هو منصوص: عليه الدم لأنه جاوز الميقات المشروط فأشبه مجاوزة الميقات الشرعي (والثاني) لا دم، فان قلنا لا يلزمه الدم وجب حط قسط من الأجرة.
قال الشيخ أبو حامد والأصحاب: إن ترك نسكا لا دم فيه كالمبيت وطواف الوداع إذا قلنا: لا دم فيهما لزمه رد شئ من الأجرة بقسطه بلا خلاف فإن لزمه بفعل محظور كاللبس والقلم والطيب لم يحط عنه شئ من الأجرة بلا خلاف. نقل الغزالي وغيره الاتفاق عليه فإذا استأجره للقران بين الحج والعمرة فتارة يمتثل وتارة يعدل، فإن امتثل فعلى من يجب دم القران؟ وجهان (أصحهما) على المستأجر، ولو شرطاه على الأجير فقد نص الشافعي على فساد الإجارة لجمعه بين مجهول الصفة وهو الدم، وبين الإجارة.
فإذا قلنا بالأصح إنه على الأجير، فإن كان معسرا فعليه الصوم الأيام الثلاثة في الحج، لان الذي في الحج منهما هو الأجير وعلى المستأجر الأجرة بكمالها. هذا وقد أفرد الامام النووي رضي الله عنه في كتاب الحج من المجموع فصلا عن الأجير أو في والله تعالى أعلم بالصواب.