(أحدهما) يجب، لان كل واحد منهما حلف على ما ادعاه ونفى ما ادعى عليه فبرئا كالمتبايعين (والثاني) انه يجب أرش النقص لأنا حكمنا بارتفاع العقد بالتحالف، فإذا ارتفع العقد حصل القطع من غير عقد فلزمه أرشه. ومتى قلنا إنه يستحق الأجرة لم يرجع بالخيوط، لأنه اخذ بدلها، فان قلنا: لا يستحق الأجرة فله ان يأخذ خيوطه، لأنه عين ماله فكان له ان يأخذه (الشرح) قال الشافعي رضي الله عنه: وإذا اختلف الرجلان في الكراء وتصادقا في العمل تحالفا، وكان للعامل اجر مثله فيما عمل، قال وإذا اختلفا في الصفة فقال: أمرتك ان تصبغه اصفر أو تخيط قميصا فخطته قباء. وقال الصانع عملت ما قلت لي، تحالفا وكان على الصانع ما نقص الثوب ولا اجر له، وان زاد الصبغ فيه كان شريكا بها زاد الصبغ في الثوب، وان نقصت منه فلا ضمان عليه ولا اجره له.
وقال الربيع: الذي يأخذ به الشافعي في هذا ان القول قول رب الثوب وعلى الصانع ما نقص الثوب، وإن كان نقصه شيئا لأنه مقر بأخذ الثوب صحيحا ومدع على أنه امره بقطعه أو صبغه كما وصفت فعليه البينة بما قال، فإن لم يكن بينة حلف رب الثوب ولزم الصانع ما نقصته الصنعة، وإن كانت زادت الصنعة فيه شيئا كان الصانع شريكا بها إن كانت عينا قائمة فيه مثل الصبغ، ولا يأخذ من الأجرة شيئا، فإن لم تكن عين قائمة فلا شئ له.
وقال في اختلاف العراقيين: وإذا اختلف الأجير والمستأجر في الأجرة، فان أبا حنيفة كأن يقول: القول قول المستأجر مع يمينه إذا عمل العمل وبهذا يأخذ. وكان ابن أبي ليلى يقول: القول قول الأجير فيما بينه وبين اجرة مثله، الا أن يكون الذي ادعى أقل فيعطيه إياه، وان لم يكن عمل العمل تحالفا وترادا في قول أبي حنيفة. وينبغي كذلك في قول ابن أبي ليلى. وقال أبو يوسف بعد:
إذا كان شيئا متقاربا قبلت قول المستأجر واحلفته، وإذا تفاوت لم أقبل وجعلت العمل اجر مثله إذا حلف.