والذي نص عليه الشافعي رضي الله عنه إنما هو على القول القديم، وهو اختيار المحاملي، لان الحائط لا يضمن بالمثل، ومنهم من قال يجبر قولا واحدا. قال الشيخ أبو حامد: وهو الصحيح، لان الشافعي رضي الله عنه نص على ذلك في الجديد، ولأنه هدمه بهذا الشرط فلزمه الوفاء به.
(فرع) وإن كان الحائط بينهما نصفين فهدماه أو انهدم ثم اصطلحا على أن يبنياه وينفقا عليه بالسوية ويكون لأحدهما ثلث الحائط وللآخر ثلثاه، ويحمل عليه كل واحد منهما ما شاء فلا يصح هذا الصلح، لان الصلح هو أن يترك بعض حقه بعوض. وههنا قد ترك أحدهما لصاحبه سدس الحائط بغير عوض فلم يصح كما لو ادعى على رجل دارا فأقر له بها ثم صالحه المدعى منها على سكناها فلا يصح لأنه ملكه الدار والمنفعة، ثم مصالحته على منفعتها ترك حق له بلا عوض كذلك ههنا مثله، ولان هذا شرط فاسد، لان كل واحد منهما شرط أن يحمل عليه ما شاء والحائط لا يحمل ما شاء فلم يصح، كما لو صالحه على أن يبنى على حائطة ما شاء فإنه لا يصح لان ذلك مجهول.
وإن اصطلحا على أن يبنيا وينفق عليه أحدهما ثلث النفقة، وينفق عليه الآخر ثلثي النفقة، ويحمل على الحائط خشبا معلومة، فقد قال الشيخ أبو حامد في دراسة أولى يصح الصالح، لأنه لما زاد في الانفاق ترك الآخر بعض حقه بعوض. وقال في درسه مرة ثانية: لا يصح هذا الصلح لان النفقة التي تزيد على نفقة حقه مجهولة، والصلح على عوض مجهول لا يصح، ولأنه صلح على ما ليس بموجود، لان الحائط وقت العقد معدوم اه قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وإن كان لأحدهما علو وللآخر سفل والسقف بينهما، فانهدم حيطان السفل لم يكن لصاحب السفل أن يجبر صاحب العلو على البناء قولا واحدا لان حيطان السفل لصاحب السفل فلا يجبر صاحب العلو على بنائه، وهل لصاحب العلو إجبار صاحب السفل على البناء؟ فيه قولان. فإن قلنا يجبر ألزمه الحاكم، فإن لم يفعل وله مال باع الحاكم عليه ماله وأنفق عليه. وإن لم يكن له مال اقترض