وقال المدعى عليه لا، بل كنت أقررت لك بها ثم أنكرت ثم صالحت منها. قال الشيخ أبو حامد: فالقول قول المدعى لان الأصل هو الصلح على الانكار الذي قد عرف إلى أن تقوم البينة بإقراره لها قبل ذلك.
(فرع) وإن ادعى رجل على رجل حقا فأنكر فجاء أجنبي إلى المدعى وقال أنت صادق في دعواك فصالحني عليه - فلا يخلو إما أن يكون المدعى دينا أو عينا، فإن كان المدعى دينا نظرت، فإن صالحه عن المدعى عليه صح الصلح لأنه إن كان أذن له في ذلك فهو وكيله والتوكيل في الصلح جائز، وإن لم يكون وكيله ولم يوكله المدعى عليه، فقد قضى عن غيره دينا، ويجوز للانسان أن يقضى عن غيره دينا بغير إذنه، فإذا أخذ المدعى المال ملكه وانقطعت دعواه.
وهل للأجنبي أن يرجع على المدعى عليه بما دفع؟ ينظر فيه، فإن صالح عنه بإذنه ودفع بإذنه رجع عليه، وإن صالح عنه باذنه، ودفع بغير إذنه لم يرجع عليه بشئ لأنه متطوع بالدفع.
وإن صالح الأجنبي ليكون الدين له، فان الشيخ أبا إسحاق (المصنف) قال:
هل يصح الصلح؟ فيه وجهان بناء على جواز بيع الدين من غير من هو عليه، وقال ابن الصباغ: لا يجوز وجها واحدا، واليه أشار الشيخ أبو حامد، لان الوجهين في بيع الدين مع الاقرار، فأما مع الانكار فلا يصح وجها واحدا كبيع العين المغصوبة ممن لا يقدر على قبضها.
وقال أصحاب أحمد: وإن صالح عند المنكر أجنبي صح، سواء اعترف للمدعى بصحة دعواه أو لم يعترف، وسواء كان باذنه أو غير إذنه، لان عليا وأبا قتادة رضي الله عنهما قضيا عن الميت فأجازه النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا وفى الموضعين - أعني إن كان باذنه أو بغير إذنه - لم يرجع عليه بشئ، لأنه أدعى عنه مالا يلزمه أداؤه، أما إذا أذن له بالأداء عنه رجع إليه، وهذا كله كقولنا في المذهب.
(قلت) وإن كان المدعى عينا، فان صالح عن المدعى عليه بأن يقول للمدعى:
المدعى عليه مقر لك بها في الباطن، وقد وكلني في مصالحتك فصالحه عنه صح الصلح، لأن الاعتبار بالمتعاقدين، وقد اتفقا على ما يجوز العقد عليه فإذا صالحه