قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن كان المبيع من ذوات الأمثال كالحبوب والادهان فخلطه بجنسه نظرت، فان خلطه بمثله كان للبائع أن يرجع، لان عين ماله موجود من جهة الحكم ويملك أخذه بالقسمة فان رجع واتفقا على القسمة قسم ودفع إليه مثل مكيلته، فان طلب البائع البيع فهل يجبر المفلس؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يجبر لأنه تمكن القسمة فلا يجبر على البيع كالمال بين الشريكين.
(والثاني) يجبر لأنه إذا بيع وصل البائع إلى بدل ماله بعينه، وإذا قسم لم يصل إلى جميع ماله ولا إلى بدله، وان خلطه بأردأ منه فله أن يرجع لان عين ماله موجودة من طريق الحكم فملك أخذه بالقسمة، وكيف يرجع، فيه وجهان.
قال أبو إسحاق: يباع الزيتان ويقسم ثمنه بينهما على قدر قيمتهما، لأنه ان أخذ مثل زيته بالكيل كان ذلك أنقص من حقه، وان أخذ أكثر من زيته كان ربا فوجب البيع.
(والثاني) وهو المنصوص أنه يأخذ مثل زيته بالكيل لأنه وجد عين ماله ناقصا فرجع فيه مع النقص، كما لو كان عين ماله ثوبا فحدث به عيب عند المشترى فان خلطه بأجود منه ففيه قولان (أحدهما) يرجع وهو قول المزني لأنه وجد عين ماله مختلطا بمالا يتميز عنه، فأشبه إذا خلطه بمثله أو كان ثوبا فصبغه.
(والثاني) أنه لا يرجع لان عين ماله غير موجود حقيقة لأنه اختاط بمالا يمكن تمييزه منه حقيقة ولا حكما، لأنه لا يمكن المطالبة بمثل مكيلته منه، ويخالف إذا خلطه بمثله، لأنه تمكن المطالبة بمثل مكليته، ويخالف الثوب إذا صبغه لان الثوب موجود وإنما تغير لونه. فان قلنا إنه يرجع فكيف يرجع؟ فيه قولان (أحدهما) يباع الزيتان ويقسم ثمنه بينهما على قدر قيمتهما لأنه لا يمكن أن يأخذ مثل زيته بالكيل لأنه يأخذ أكثر من حقه، ولا يمكن أن يأخذ أقل من دينه بالكيل لأنه ربا فوجب البيع.
(والثاني) يرجع من الزيت بقيمة مكيلته. فيكون قد أخذ بعض حقه وترك بعضه باختياره.