قال ابن الصباغ: ولا حق للبائع في الثمن.
وإن صدق بعض الغرماء البائع وكذبه بعضهم مع المفلس - فإن كان فيما صدق البائع عدلان فشهدا له أو عدل وحلف مع شاهده - حكم للبائع بالثمرة ولا كلام، وإن لم يكن فيهم من يقبل شهادته له، فإن القول قول المفلس مع يمينه لما ذكرناه فإذا حلف ملك الثمرة، فان أراد أن تقسم الثمرة على من صدقه دون من كذبه جاز، وان اختار قسمتها على الجميع فقد قال الشافعي رضي الله عنه:
يدفعها إلى الذين صدقوه دون الذين كذبوه.
واختلف أصحابنا فيها على وجهين، فقال أبو إسحاق: هي كالأول، وان للمفلس أن يفرق ذلك على الجميع أو بين من يكذبه عما يخصه من الثمرة من الدين لما ذكرناه في التي قبلها وما ذكره الشافعي رضي الله عنه فمعناه إذا رضى أن يفرقه فيمن صدقه دون من كذبه.
ومنهم من قال: لا يجبر من كذبه على قبض شئ من الثمرة ولا الابراء عن شئ من دينه، وجها واحدا بخلاف الأولى لأنه مع تكذيب جماعتهم له، به حاجة إلى قضاء دينه، فأجبروا على أخذه.
وفى مسألتنا يمكنه دفعه إلى المصدقين له دون المكذبين له فإذا قلنا بالأول لزم المصدقين للبائع أن يدفعوا ما خصهم من الثمرة إليه، ولا يلزم المكذبين له، والذي يقتضى المذهب، أن البائع لو سأل من كذبه من الغرماء أن يحلف له أنه ما يعلم أنه رجع قبل التأبير لزم المكذب أن يحلف، لأنه لو خاف من اليمين فأقر لزمه اقراره.
هذا إذا كان المفلس مكذبا للبائع، فأما إذا كان المفلس مصدقا للبائع أنه رجع قبل التأبير، وقال الغرماء: بل رجع بعد التأبير، فهل يقبل اقرار المفلس؟ فيه قولان كالقولين فيه إذا قال: هذا العين غصبتها من فلان، أو ابتعتها منه بثمن في ذمتي، فهل يقبل في العين؟ قولان.
فإذا قلنا: يقبل كانت الثمرة للبائع ولا كلام، وإذا قلنا: لا يقبل فقد قال الشافعي رضي الله عنه: يحلف الغرماء للبائع أنه ما رجع قبل الإبار.