وفى حديث رواه جعفر الصادق رضي الله عنه عن أبيه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه " أنه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار، قال ومع الرجل أهله، قال: وكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به الرجل، ويشق عليه، فطلب إليه أن يناقله فأبى، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فطلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعه فأبى، فطلب إليه يناقله فأبى، قال فهبه لي، ولك كذا أمرا رغبه فيه، فأبى. فقال: أنت مضار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري اذهب فاقلع نخله " وفى سماع محمد الباقر أبى جعفر من سمرة نظر، والله تعالى أعلم.
أما الأحكام: فإنه إذا ابتاع أرضا من رجل بثمن في ذمته فغرسها من عنده أو بنى فيها بناء بأدوات من عنده، ثم أفلس قبل دفع الثمن، فأراد البائع الرجوع في أرضه، فان اتفق المفلس، والغرماء على قلع الغراس والبناء من الأرض جاز لهم ذلك. لان الحق لهم، ولبايع الأرض أن يرجع فيها، لأنها عين ماله، لم يتعلق بها حق غيره، فإذا رجع البايع فيها ثم قلعوا البناء والغراس لزمهم تسوية الأرض، وأرش ما نقص إن حصل بها بسبب القلع، لان ذلك حدث لتخليص ملكهم، وهو كما لو دخل فصيل إلى دار رجل ولم يخرج إلا بنقض الباب. فلرب الفصيل نقض الباب وإخراج فصيله. وعليه إصلاح الباب، ويكون ذلك مقدما على حق سائر الغرماء.
فان قيل: أليس قد قلتم: ان البائع إذا وجد عين ماله ناقصة فرجع فيها، فإنه لا شئ له. قلنا: الفرق بينهما أن النقص حصل في ملك المشتري، فلم يضمنه الا فيما يتقسط عليه الثمن، وههنا حدث النقص بعد رجوع البايع في أرضه، والنقص حصل لتخليص ملكهم فضمنوه، وان لم يرض المفلس والغرماء بقلع الغراس والبناء لم يكن لبايع الأرض اجبارهم على ذلك للحديث " ليس لعرق ظالم حق " وهذا ليس ظالما لأنه غرس أو بنى في ملكه.
فإذا ثبت هذا: فإنهم لا يجبرون، فان بذل البايع قيمة الغراس والبناء ليملكه مع الأرض، أو قال: أنا أقلع ذلك وأضمن أرش ما دخل بالقلع من النقص