أجبر المفلس والغرماء على ذلك، وكان لبائع الأرض الرجوع فيها: لان الضرر يزول عن الجميع بذلك.
وان قال بايع الأرض: أرجع فيها وأقر الغراس والبناء وأخذ أجرة الأرض قال المسعودي كان له ذلك وان امتنع المفلس والغرماء من القلع وامتنع بائع الأرض من بذل قيمة الغراس والبناء وأرش ما حصل بالقلع فهل له أن يرجع في أرضه؟
قال الشافعي رضي الله عنه في موضع: له أن يرجع فيها. وقال في موضع:
يسقط حقه من الرجوع فيها. واختلف أصحابنا فيها فمنهم من قال فيها قولان.
(أحدهما) للبايع أن يرجع في أرضه، وان لم يبذل قيمة الغراس والبناء لقوله صلى الله عليه وسلم " صاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه ولم يفرق " ولان أكثر ما فيه أنه وجده مشغولا بملك غيره، وذلك لا يسقط حقه من الرجوع كما لو باع ثوبا فصبغه المشترى بصبغ من عنده (والثاني) ليس له الرجوع في أرضه، لان الأرض قد صارت مشغولة بملك غيره فسقط حقه من الرجوع فيها كما لو اشترى من رجل مسامير وسمر بها بابا ثم أفلس البايع فإنه ليس للبائع للمسامير أن يرجع فيها ولان رجوع البايع في عين ماله إنما جعل له لإزالة الضرر عنه، فلو جوزنا له الرجوع ههنا لأزلنا عنه الضرر. وألحقناه بالمفلس والغرماء لأنه لا يبقى لهما طريق إلى غراسهم وبنائهم.
ومنهم من قال: ليست على قولين. وإنما هي على حالين. فالموضع الذي قال فيه " يرجع في أرضه ولا يدفع قيمة الغراس والبناء " محمول على ما إذا كانت قيمة الأرض أكثر من قيمة الغراس والبناء. لان الغراس والبناء تابعان للأرض، والموضع الذي قال فيه " لا يرجع في الأرض إذا كانت قيمة الغراس والبناء أكثر من قيمة الأرض. لان الأرض تكون تابعة للغراس والبناء.
والصحيح أنها على قولين. لان البايع لو بذل قيمة الغراس والبناء لكان له الرجوع في أرضه. سواء كانت قيمة الأرض أكثر من قيمة الغراس والبناء أو أقل. فإذا قلنا: ليس له الرجوع في أرضه فلا كلام. وان قلنا: له الرجوع في أرضه وان لم يدفع قيمة الغراس والبناء فرجع فيها نظرت فان اتفق الغرماء