ولا يجوز أن يقرضه دراهم على أن يعطيه بدلها في بلد آخر، ويكتب له بها صحيفة (كمبيالة) فيأمن خطر الطريق ومؤونة الحمل، وهو مذهبنا، وخالفنا أحمد وغيره مستدلين بأن عبد الله بن الزبير كان يقترض ويعطى من أقرضه صحيفة يأخذ قيمتها من مصعب أخيه واليه على العراق. وفى المغنى مزيد بيان. ودليل أصحاب أحمد وخلاصته أنه عقد ارفاق. دليلنا أن أمن الطريق منفعة، وكل قرض جر نفعا فهو ربا. ولا يجوز أن يقرضه شيئا بشرط أن يرد عليه درهمين، ولان هذا ربا عند تماثل البدلين فهو كالبيع فلا يجوز فيه التفاضل عند التماثل. نعم إن كان ذلك في غير أموال الربا كالثياب والحيوان ففيه وجهان حكاهما الشيخ أبو حامد (أحدهما) يجوز لما روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجهز جيشا فنفدت الإبل، فأمرني أن آخذ بعيرا ببعيرين إلى أجل، وهذا استسلاف مر بك في أبواب السلم (والثاني) لا يجوز وهو المذهب للحديث " كل قرض جر منفعة فهو حرام " ولان هذا زيادة لا يقابلها عوض فلم يصح، كما لو باعه داره بمائة على أن يعطيه مائة وعشرة، ولأنه لو اشترط زيادة في الجودة لم يصح، فلان لا يجوز اشتراط الزيادة في العود أولى.
وأما الخبر في الحيوان فهو وارد في السلم بدليل أنه قال: كنت آخذ البعير بالبعيرين إلى أجل، والقرض لا يدخل الأجل وان أقرضه شيئا وشرط أن يرد عليه دون ما أقرضه، ففيه وجهان حكاهما المصنف (أحدهما) لا يجوز لان مقتضى القرض رد المثل، فإذا شرط النقصان عما أقرضه فقد شرط ما ينافي مقتضى العقد فلم يصح، كما لو شرط الزيادة.
(والثاني) يجوز لان القرض جعل رفقا بالمستقرض وشرط الزيادة يخرج القرض عن موضوعه فلم يجز وشرط النقصان لا يخرجه عن موضوعه فجاز.
والله تعالى أعلم.
(فرع) إذا اقترض من غيره درهما فرد عليه درهمين، أو درهما أجود منه كأن أخذ منه جنيها مصريا فرد عليه جنيها استرلينيا، أو باع منه داره أو كتب له