واحد منهما، فعل هذا إن كان المرهون معه في المجلس أو بقربه وهو يراه أو يعلم به فإن القبض فيه مضى مدة لو قبضه فيها أمكنه، وإن كان الرهن في صندوق في البيت وهو في البيت وتحقق كونه فيه فقبضه أن بمضي مدة لو أراد أن يقوم إلى الصندوق ويقبضه أمكنه، وإن كان الرهن غائبا عن المجلس بأن يكون في البيت والمرتهن في المسجد أو السوق، فنقل المزني عن الشافعي رحمه الله أنه لا يصير مقبوضا حتى يصير المرتهن إلى منزله والرهن فيه، فقال المصنف: هذا فيما يزول بنفسه مثل العبد أو البهيمة، فأما ما لا يزول بنفسه مثل الثوب والدار فلا يحتاج إلى أن يصير إلى منزله، ويكفى أن يأتي عليه زمان يمكنه القبض فيه قال القاضي أبو الطيب: وقد نص الشافعي على مثل ذلك في الام، لان ما يزول بنفسه لا يعلم مكانه، وأما الشيخ أبو حامد فقال غلط أبو إسحاق، وقد نص الشافعي رحمه الله في الام على أنه لا فرق بين الحيوان وغيره. ولأنه يجوز أن يحدث على غير الحيوان التلف من سرقة أو حريق أو غرق فهو بمنزلة الحيوان وحكى المصنف أن من أصحابنا من قال أخبره ثقة بأنه باق على صفته بمضي زمان يتأتى فيه القبض، وليس بشئ لأنه يجوز أن يكون قد تلف بعد رؤية الثقة.
قال الشافعي رحمه الله: لا يكون القبض إلا ما حضره المرتهن أو وكيله. قال أصحابنا: هذا الكلام يحتمل تأويلين:
(أحدهما) أن هذه مسألة مبتدأة، أي أن القبض لا يحصل في الرهن إلا أن يقبضه المرتهن أو وكيله، يقصد بهذا بيان جواز الوكالة في القبض لان القبض هو نقله من يد الراهن إلى يد المرتهن، وهو لا يوجد إلا بحضور المرتهن أو وكيله، وقد فرع الشافعي رحمه الله على هذا في الام أن المرتهن لو وكل الراهن في قبض الرهن له من نفسه لم يصح لأنه لا يجوز أن يكون وكيلا لغيره على نفسه في القبض.
والتأويل الثاني أن هذا عطف على المسألة المتقدمة إذا رهنه وديعة عنده غائبة عنه فلا يكون مقبوضا حتى يرجع المرتهن أو وكيله ويشاهدها. قالوا وهذا أشبه لأنه اعتبر مجرد الحضور لا غير، وإنما يكفي ذلك فيما كان عنده، وأما ما كان في يد المرتهن فلابد من النقل فيه. والله أعلم