المستقرض بقيمة طعامه بمكة أجبر المقترض على دفع قيمة الطعام، لان الطعام بمكة كالمعدوم وماله مثل إذا عدم وجبت قيمته.
قال الشيخ أبو حامد: ويأخذ قيمة الطعام بمصر يوم المطالبة لا بمكة، لأنه إنما وجب عليه دفع القيمة يوم المطالبة، وهكذا إن غصب منه طعاما بمصر، أو أسلم إليه بطعام مصر فلقيه بمكة كان الحكم فيه كالحكم في القرض، الا أن الغاصب إذا دفع القيمة للطعام بمكة، وكان الطعام باقيا لم يملكه الغاصب، بل إذا رجع إلى مصر رد الطعام الذي غصبه واسترجع القيمة، فإذا كان في ذمته له دراهم أو دنانير من قرض أو غصب أو سلم بمصر فطالبه بقضائها في مكة وجب عليه القضاء لأنه ليس لنقلها مؤنة، ولا يختلف باختلاف البلد.
(فرع) وان اقترض من رجل شيئا وقبضه وتصرف فيه أو أتلفه ثم أراد أن يعطيه عن بدل القرض عوضا جاز لأنه مستقر في الذمة، لا يخشى انتقاصه بهلاكه فجاز تصرفه فيه قبل القبض كالمبيع بعد القبض بخلاف المسلم فيه، فإنه غير مستقر يخشى انتقاصه بهلاكه، وحكمه في اعتبار القبض حكم ما يأخذ عوضا عن رأس مال السلم بعد الفسخ وقد مضى بيانه، وإن كانت العين المقترضة باقية في يد المقترض فإنه لا يجوز أخذ العوض عنها، لأنا ان قلنا: إن المقترض قد ملكها بالقبض فلا يجوز أخذ العوض، لان ملك المقرض قد زال عن العين، ولم يستقر بدلها في ذمة المستقرض، لان للمقترض أن يرجع في العين، وان قلنا إن المقترض لا يملك العين الا بالتصرف لم يجز للمقرض أخذ بدل العين، لان ملكه عليه ضعيف بتسليط المقترض عليه. هكذا قال ابن الصباغ والله تعالى أعلم