(فرع) واما إقراض الخبز، فإن قلنا: يجوز قرض مالا يضبط بالصفة كالجواهر جاز قرض الخبز، وإن قلنا لا يجوز قرض مالا يضبط بالوصف ففي قرض الخبز وجهان (أحدهما) لا يجوز، وبه قال أبو حنيفة كغيره مما لا يضبط بالوصف (والثاني) يجوز. قال ابن الصباغ: لاجماع أهل الأمصار على ذلك، فإنهم يقترضون الخبز، فإذا قلنا. يجوز. فإن قلنا يجب فيما لا مثل له رد مثله في الصورة رد مثل الخبز وزنا. وإن قلنا يجب رد قيمة مالا مثل له رد قيمة الخبز فعلى هذا إن شرط أن يرد مثل الخبز ففيه وجهان (أحدهما) يصح، لان الرفق باقتراض الخبز لا يحصل إلا بذلك (والثاني) لا يصح كما لا يجوز بيع الخبز بالخبز والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) إذا أقرضه دراهم بمصر ثم لقيه بمكة فطالبه بها لزمه دفعها إليه، فان طالبه المستقرض بأن يأخذها وجب عليه أخذها لأنه لا ضرر عليه في أخذها فوجب أخذها فان أقرضه طعاما بمصر فلقيه بمكة فطالبه به لم يجبر على دفعه إليه لان الطعام بمكة أغلى فان طالبه المستقرض بالأخذ لم يجبر على أخذه لان عليه مؤنة في حمله فان تراضيا جاز لان المنع لحقهما وقد رضيا جميعا، فان طالبه بقيمة الطعام بمكة أجبر على دفعها لأنه بمكة كالمعدوم وماله مثل إذا عدم وجبت قيمته ويجب قيمته بمصر لأنه يستحقه بمصر فان أراد أن يأخذ عن بدل القرض عوضا جاز لان ملكه عليه مستقر فجاز أخذ العوض عنه كالأعيان المستقرة وحكمه في اعتبار القبض في المجلس حكم ما يأخذه بدلا عن رأس مال السلم بعد الفسخ وقد بيناه والله أعلم.
(الشرح) قال الشافعي في الصرف: فإذا اقترض طعاما بمصر فلقيه بمكة وطالبه، لان عليه ضررا في نقل الطعام من مصر إلى مكة، ولان الطعام بمكة أكثر قيمة، وإن طالبه المستقرض بأخذه لم يلزم المقرض أخذه لان عليه مؤنة في حمله إلى مصر، وإن تراضيا على ذلك جاز لان الحق لهما، وإن طالب المقرض