عليه السلام، ثبت أن الحجر لا يجوز، وهذا لا حجة لهم فيه، لأنه مخصوص بذلك على أوجه ساقها شيخنا النووي في أول البيوع قال الإمام الشافعي رضي الله عنه " إن كان مفسدا لماله ودينه، أو كان مفسدا لماله دون دينه حجر عليه " وإن كان مفسدا لدينه مصلحا لما له فعلى وجهين.
(أحدهما) وهو اختيار أبى العباس بن سريج " يحجر عليه " (والثاني) لا حجر عليه، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي، والأظهر من مذهب الشافعي، قال الثعلبي وهذا الذي ذكرناه من الحجر على السفيه قول عثمان وعلى والزبير وعائشة وابن عباس، وعبد الله بن جعفر رضوان الله عليهم ومن التابعين شريح، وبه قال الفقهاء مالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام وأبو يوسف، ومحمد وأحمد وإسحاق وأبو ثور. قال الثعلبي: وادعى أصحابنا الاجماع في هذه المسألة.
قال صاحب البيان: وأما إيناس الرشد فهو إصلاح الدين والمال، فإصلاح الدين يكون بأن لا يرتكب من المعاصي ما ترد به شهادته، وإصلاح المال أن لا يكون مبذرا، وقال مالك وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى: إذا بلغ الرجل مصلحا لماله دفع إليه ماله، وإن كان مفسدا لدينه. اه دليلنا قول الله تعالى (فإن آنستم منهم رشدا) قال ابن عباس: الرشد الحلم والعقل والوقار، والحلم والوقار لا يكونان إلا لمن كان مصلحا لماله ودينه، وهكذا قال الحسن البصري، ولان إفساده لدينه يمنع رشده، والثقة في حفظ ماله، كما أن الفسق يسقط عدالته، ويمنع من قبول قوله وان عرف عنه الصدق في القول إذا ثبت هذا، فبلغ غير مصلح لماله ولدينه، فإنه يستدام عليه الحجر، وان صار شيخا. وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد.
وقال أبو حنيفة " إذا بلغ غير مصلح لماله لم يدفع إليه، لكن ان تصرف فيه ببيع أو عتق أو غيره نفذ تصرفه، فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة انفك عنه الحجر ودفع إليه ماله، وإن كان مفسدا لدينه وماله. لأنه قد آن له أن يصير جدا لأنه قد بلغ باثنتي عشرة سنة فيتزوج ويولد له ولد ويبلغ ولده الاثنتى عشرة سنة ويولد له. قال وأنا أستحيي أن أمنع الجد ماله.