(أحدهما) أنه بلوغ في نفسه، لان ما حكم به بالبلوغ كان بلوغا بنفسه كالاحتلام (والثاني) أنه ليس ببلوغ في نفسه، وإنما دلالة على البلوغ، لان العادة جرت أنه لا يظهر إلا في وقت البلوغ، فإذا قلنا إنه بلوغ في حق الكافر كان بلوغا في حق المسلم، لان ما كان بلوغا في حق الكافر كان كذلك في حق المسلم كالاحتلام، وإذا قلنا: إنه ليس ببلوغ في حق الكافر وإنما هو دلالة على البلوغ فهل يجعل ذلك دلالة في حق المسلم، منهم من قال: فيه وجهان، ومنهم من قال فيه قولان.
(أحدهما) أنه دلالة على بلوغه، لان ما كان دلالة على البلوغ في حق الكافر كان دلالة وعلما على البلوغ في حق المسلم كالحمل.
(والثاني) أنه لا يكون دلالة على البلوغ عند المسلم، لأنه يمكن الرجوع إلى معرفة سن المسلم، لأنه مولود بين المسلمين، ولا يمكن ذلك في سن الكافر هكذا قال صاحب البيان.
قلت وهو دليل على أن النظام عند المسلمين في عنفوان مجدهم جعلهم يؤرخون لمواليدهم في زمن كانت تسود العالم الفوضى والعشوائية حتى في تحديد سن الذرية بين غير المسلمين فمتى يعود المسلمون إلى سابق مجدهم فيسبقوا أمم الأرض بنظامهم وعلومهم وقوتهم وإيمانهم، وتلك لعمري عمد المجد الذي تدين الدنيا لهم به، فاللهم بصرنا وافتح قلوبنا للايمان.
وقال أبو حنيفة: الانبات لا يكون بلوغا ولا دلالة على البلوغ في حق المسلم والكافر.
دليلنا ما روى عطية السوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه في بني قريظة فحكم بسبي ذراريهم ونسائهم، وقسم أموالهم.
وقتل من جرت عليه الموسى. فأمر أن يكشف عن مؤتزريهم فمن أنبت منهم فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذراري: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعه أرقعة.
قال الصيمري: وكيف يعرف الانبات، قيل: يدفع إليهم شمع أو طين رطب