المسألة قولان القديم ان مسح أسفل الخف الذي لصقت به نجاسة كلف في جواز الصلاة فيه مع أنه نجس عفى عنه والجديد أنه ليس بكاف فعلى هذا الجواب أن الأذى المذكور محمول على مستقذر طاهر كمخاط وغيره مما هو طاهر أو مشكوك فيه: وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود من طرق كلها ضعيفة ولو صح لأجيب عنه بنحو ما سبق: وأما حديث إذا ولغ الكلب فالغسل فيه وفي غيره من الأحاديث المطلقة محمول على الغسل بالماء لأنه المعروف المعهود السابق إلى الفهم عند الاطلاق: قال أصحابنا ولا يعرف الغسل في اللغة بغير الماء: وأما قياسهم على الماء فباطل لأنه يرفع الحدث بخلاف المائع ولأنه ينتقض بالدهن والمرق: وقياسهم على الطيب مردود من وجهين أحدهما أن إزالة الطيب وغسله ليس واجبا بل الواجب اذهاب رائحته واهلاكها بدليل انه لو طلى عليه حين أو غسله بدهن كفاه: والثاني أن النجاسة بطهارة الحدث أشبه من إزالة الطيب فالحاق طهارة بطهارة أولى: وأما قولهم الحكم يتعلق بعين النجاسة فزال بزوالها فليس بلازم وينتقض بلحم الميتة إذا وقع في ماء قليل فينجسه وإذا زال لا يزول التنجيس: وقولهم الخل أبلغ غير مسلم لان في الماء لطافة ورقة ليست في الخل وغيره ولو صح ما قالوه لكان إزالة النجاسة بالخل أفضل وأجمعنا بخلافه: وأما قولهم الدن يطهر بالخل فغير صحيح بل يطهر تبعا للخل للضرورة ولو كان الخل هو الذي طهره لنجس الخل لان المائع إذا أزيلت به النجاسة تنجس عندهم: ولأنه لو كان مطهرا لوجب أن تتقدم طهارته في نفسه ولو كان كذلك لم يطهر الخل لحصوله في محل نجس: وأما نجاسة النجو فإذا استنجي بالأحجار عفى عما بقي للضرورة وهي رخصة ورد الشرع بها ولا خلاف أن المحل يبقى نجسا ولهذا لو انغمس في ماء قليل نجسه فلم تحصل إزالة نجاسة بغير الماء: وأما مسألة الهرة ففيها ثلاثة أوجه لأصحابنا مذكورة بعد هذا فان قلنا بطهارة ما ولغت فيه فليس هو لطهارة فمها بريقها بل لأنه لا يمكن الاحتراز منها فعفى عنها كأثر الاستنجاء: وينبغي للناظر في هذا الكتاب أن لا يسأم من طول بعض المسائل فإنها لا تطول إن شاء الله تعالى إلا بفوائد وتمهيد قواعد ويحصل في ضمن ذكر مذاهب العلماء ودلائلها وأجوبتها فوائد مهمة نفيسة وتتضح المشكلات وتظهر المذاهب المرجوحة من الراجحة ويتدرب الناظر فيها بالسؤال والجواب ويتنقح ذهنه ويتميز عند أولى البصائر والألباب ويتعرف الأحاديث
(٩٧)