التمسك بالآية فمن توضأ بالنبيذ فقد ترك المأمور به ولهم أسئلة ضعيفة على الآية لا يلتفت إليها : وبحديث أبي ذر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي في سننهم والحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع في المستدرك على الصحيحين قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال الحاكم حديث صحيح: والاستدلال منه كالاستدلال من الآية: ومن القياس كل شئ لا يجوز التطهر به حضرا لم يجز سفرا كماء الورد: ولأنه مائع لا يجوز الوضوء به مع وجود الماء فلم يجز مع عدمه كماء الباقلا: ولأنه شراب فيه شدة مطربة فأشبه الخمر ولأنه مائع لا يطلق عليه اسم ماء كالخل * وأما الجواب عن شبههم فحديث ابن مسعود ضعيف باجماع المحدثين قال الترمذي وغيره لم يروه غير أبي زيد مولى ابن حريث وهو مجهول لا يعرف ولا يعرف عنه غير هذا الحديث: وقد ثبت في صحيح مسلم عن علقمة قال سألت ابن مسعود هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قال لا ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا استطير أو اغتيل فبتنا بشر ليلة بات يا قوم فلما أصبحنا إذ هو جاء من قبل حراء فقلنا يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فقال أتاني داعى الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن قال فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم وفي صحيح مسلم أيضا عن علقمة عن عبد الله قال لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووددت اني كنت معه فثبت بهذين الحديثين مع ما ذكرناه من اتفاق الحفاظ على تضعيف حديث النبيذ بطلان احتجاجهم * وأجاب أصحابنا مع هذا بأربعة أجوبة أحدها أنه حديث مخالف الأصول فلا يحتج به عند أبي حنيفة: والثاني انهم شرطوا لصحة الوضوء بالنبيذ السفر وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم في شعاب مكة كما ذكرناه: الثالث أن المراد بقوله نبيذ أي ماء نبذت فيه تمرات ليعذب ولم يكن متغيرا وهذا تأويل سائغ لان النبي صلى الله عليه وسلم قال تمرة طيبة وماء طهور فوصف النبي صلى الله عليه وسلم شيئين ليس النبيذ واحدا منهما: فان قيل فابن مسعود نفى أن يكون معه ماء وأثبت النبيذ فالجواب انه إنما نفى أن يكون معه ماء معد للطهارة
(٩٤)