البحر فجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم على أنه لا يكره كمذهبنا: وحكى الترمذي في جامعه وابن المنذر في الاشراف وغيرهما عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن القاصي رضي الله عنه انهما كرها الوضوء به وحكاه أصحابنا أيضا عن سعيد بن المسيب: واحتج لهم بحديث روى عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم تحت البحر نار وتحت النار بحر حتى عد سبعة وسبعة رواه أبو داود في سننه: واحتج أصحابنا بحديث هو الطهور ماؤه وبحديث الماء طهور: ولأنه لم يتغير عن أصل خلقته فأشبه غيره: وأما حديث تحت البحر نار فضعيف باتفاق المحدثين وممن بين ضعفه أبو عمر بن عبد البر ولو ثبت لم يكن فيه دليل ولا معارضة بينه وبين حديث هو الطهور ماؤه: وأما زمزم فمذهب الجمهور كمذهبنا أنه لا يكره الوضوء والغسل به وعن أحمد رواية بكراهته لأنه جاء عن العباس رضي الله عنه أنه قال وهو عند زمزم لا أحله لمغتسل وهو لشارب حل وبل: ودليلنا النصوص الصحيحة الصريحة المطلقة في المياه بلا فرق ولم يزل المسلمون على الوضوء منه بلا انكار ولم يصح ما ذكروه عن العباس بل حكي عن أبيه عبد المطلب ولو ثبت عن العباس لم يجز ترك النصوص به: وأجاب أصحابنا بأنه محمول على أنه قاله في وقت ضيق الماء لكثرة الشاربين: واما المتغير بالمكث فنقل ابن المنذر الاتفاق على أنه لا كراهة فيه الا ابن سيرين فكرهه: ودليلنا النصوص المطلقة ولأنه لا يمكن الاحتراز منه فأشبه المتغير بما يتعذر صونه عنه: وأما المسخن فالجمهور أنه لا كراهة فيه وحكي أصحابنا عن مجاهد كراهته:
وعن أحمد كراهة المسخن بنجاسة وليس لهم دليل فيه روح: ودليلنا النصوص المطلقة ولم يثبت نهي (فرع) ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما ان الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الإبل العجين وأمرهم ان يستقوا من البئر التي كانت ترده الناقة: وفي رواية للبخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من