طاهر فأشبه الماء: ولأنها عين تجب إزالتها للعبادة فجاز بغير الماء كالطيب عن ثوب المحرم وهذا يعتمدونه: ولان الحكم يتعلق بعين النجاسة فزال بزوالها: ولان المراد إزالة العين والخل أبلغ ولان الخمر إذا انقلبت خلا طهرت وطهر الدن وما طهر الا بالخل: ولأنها نجاسة فلا يتعين لها الماء كنجاسة النجو: ولان الهرة لو أكلت فأرة ثم ولغت في إناء لم تنجسه فدل على أن ريقها طهر فمها * واحتج أصحابنا بقول الله تعالى (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) فذكره سبحانه وتعالى امتنانا فلو حصل بغيره لم يحصل الامتنان: وبحديث أسماء المذكور وتقدم بيان وجه الدلالة: ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إزالة النجاسة بغير الماء ونقل ازالتها بالماء ولم يثبت صريح في ازالتها بغيره فوجب اختصاصه إذ لو جاز بغيره لبينه مرة فأكثر ليعلم جوازه كما فعل في غيره: ولأنها طهارة شرعية فلم تجز بالخل كالوضوء: ولان حكم النجاسة أغلظ من حكم الحدث بدليل انه يتيمم عن الحدث دونها ولو وجد من الماء ما يكفيه لأحدهما غسلها والمستعمل في النجاسة نجس عند أبي حنيفة وكذا عندنا ان انفصل ولم يطهر المحل على الأظهر والمستعمل في الحدث طاهر عندنا وكذا على الأصح عن أبي حنيفة فإذا لم يجز الوضوء بغير الماء فالنجاسة التي هي أغلظ أولى * وأما الجواب عن أدلتهم فحديث عائشة أجاب عنه الشيخ أبو حامد وغيره بان مثل هذا الدم اليسير لا تجب أزالته بل تصح الصلاة معه ويكون عفو أو لم ترد عائشة غسله وتطهيره بالريق ولهذا لم تقل كنا نغسله بالريق وإنما أرادت إذهاب صورته لقبح منظره فيبقى المحل نجسا كما كان ولكنه معفو عنه لقلته: وهذا الجواب على مذهب من يقول قول الصحابي كنا نفعل كذا يكون مرفوعا وأن لم يضفه إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أما من اشترط الإضافة فلا يكون عنده مرفوعا بل يكون موقوفا ويجئ فيه التفصيل في قول الصحابي هل انتشر أم لا وهل هو حجة في الحالين أم لا * وفي كل هذا خلاف قدمناه واضحا في الفصول السابقة في مقدمة هذا الشرح: وأما حديث أم سلمة فالجواب عنه من وجهين أحدهما أنه ضعيف لان أم ولد إبراهيم مجهولة والثاني أن المراد بالقذر نجاسة يابسة ومعنى يطهره ما بعده أنه إذا انجر على ما بعده من الأرض ذهب ما علق به من اليابس هكذا أجاب أصحابنا وغيرهم: قال الشيخ أبو حامد في تعليقه ويدل على التأويل الاجماع أنها لو جرت ثوبها على نجاسة رطبة فاصابته لم يطهر بالجر على مكان طاهر وكذا نقل الاجماع في هذا أبو سليمان الخطابي: ونقل الخطابي هذا التأويل عن آباء عبد الله مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله: وأما حديث أبي سعيد فلنا في
(٩٦)