وإنما ضبطت كونه بالتاء لئلا يصحف فيقال أنتوضأ بالنون وقد رأيت من صحفه واستبعد كون النبي صلى الله عليه وسلم توضأ منها وهذا غلط فاحش وقد جاء التصريح بوضوء النبي صلى الله عليه وسلم منها في هذا الحديث من طرق كثيرة ذكرها البيهقي في السنن الكبير ورواها آخرون غيره: وفي رواية لأبي داود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له إنه يستقى لك من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها لحوم الكلاب وهذا في معنى روايات البيهقي وغيره المصرحة بأنه صلى الله عليه وسلم توضأ منها ولهذا قال المصنف وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر بضاعة * وفي رواية الشافعي في مختصر المزني قيل يا رسول الله انك تتوضأ من بئر بضاعة وذكر تمام الحديث: وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري قال مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن فقال الماء لا ينجه شئ فهذه الرواية تقطع كل شك ونزاع: وبضاعة بضم الباء الموحدة ويقال بكسرها لغتان مشهورتان حكاهما ابن فارس والجوهري وآخرون والضم أشهر ولم يذكر جماعة غيره: ثم قيل هو اسم لصاحب البئر وقيل اسم لموضعها * وقوله يلقى فيها الحيض بكسر الحاء وفتح الياء وفي رواية المحايض ومعناه الخرق التي يمسح بها دم الحيض قاله الأزهري وغيره: قال الإمام أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي لم يكن القاء الحيض فيها تعمدا من آدمي بل كانت البئر في حدور والسيول تكسح الأقذار من الأفنية وتلقيها فيها ولا يؤثر في الماء لكثرته وكذا ذكر نحو هذا المعني آخرون: وقيل كانت الريح تلقى الحيض فيها حكاه صاحب الحاوي وغيره ويجوز أن يكون السيل والريح يلقيان: قال صاحب الشامل ويجوز ان المنافقين كانوا يلقون ذلك (فرع) الحكم الذي ذكره وهو جواز الطهارة بما نبع من الأرض مجمع عليه الا ما سأذكره إن شاء الله تعالى في البحر وماء زمزم (فرع) ينكر على المصنف قوله في الحديث الثاني وروى بصيغة تمريض مع أنه حديث صحيح كما سبق وقد سبق في الفصول في مقدمة الكتاب أنه لا يقال في حديث صحيح وروى بل يقال بصيغ الجزم فيقال هنا وتوضأ النبي
(٨٣)