الامر بالغسل في الآية فمحمول على غير لا بس الخف ببيان السنة وليس للمخالفين شبهة فيها روح: وأما ما روي عن علي وابن عباس وعائشة من كراهة المسح فليس بثابت (1) بل ثبت في صحيح مسلم وغيره عن علي رضي الله عنه انه روى المسح على الخف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو ثبت عن ابن عباس وعائشة ذلك لحمل على أن ذلك قبل بلوغهما جواز المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغا رجعا وقد روى البيهقي معنى هذا عن ابن عباس وعلى الجملة المسألة غنية عن الاطناب في بسط أدلتها بكثرتها والله أعلم: وأما جواز المسح في الحضر ففيه أحاديث كثيرة في الصحيح منها حديث حذيفة قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائما فتوضأ فمسح على خفيه رواه مسلم وفي رواية البيهقي سباطة قوم بالمدينة وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله وعليه وسلم جعل مسح الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم رواه مسلم: ومنها حديث خزيمة ابن ثابت وعوف بن مالك وهما صحيحان سيأتي بيانهما قريبا في مسألة التوقيت إن شاء الله تعالى والله أعلم * (المسألة الرابعة) قال أصحابنا مسح الخفين وإن كان جائزا فغسل الرجل أفضل منه بشرط أن لا يترك المسح رغبة عن السنة ولا شكا في جوازه وقد صرح جمهور الأصحاب بهذا في باب صلاة المسافر في مسألة تفضيل القصر على الاتمام وفي غيرها وقد أشار المصنف إلى هذا بقوله يجوز المسح ولم يقل يسن أو يستحب ودليل تفضيل غسل الرجل انه الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في معظم الأوقات ولان غسل الرجل هو الأصل فكان أفضل كالوضوء مع التيمم في موضع جواز التيمم وهو إذا وجد في السفر ماء يباع بأكثر من ثمن المثل فله التيمم فلو اشتراه وتوضأ كان أفضل صرح به البغوي وغيره هذا مذهبنا وبه قال أبو حنيفة ومالك وروى ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما تفضيل غسل الرجل أيضا ورواه البيهقي عن أبي أيوب الأنصاري أيضا * وقال الشعبي
(٤٧٨)