إسلامه أو حال ارتداده، وسواء قال: زال ملكه بالردة أو لم يزل، وبه قال من الصحابة ابن عباس، وإحدى الروايتين عن علي عليه السلام، ومن التابعين جماعة، وفي الفقهاء، ربيعة ومالك وابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل، وقال قوم: إن ماله الذي اكتسبه في حال حقن دمه يرثه عنه المسلم، والذي اكتسبه حال إباحة دمه ينتقل إلى بيت المال، وبه قال الثوري وأبو حنيفة.
وقال قوم: إن مال المرتد يكون لأهل ملته الذين انتقل إليهم إن كانوا يهودا يرثهم وإن كانوا نصارى يرثهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز وقتادة.
وقال أبو حنيفة: إذا ارتد زال ملكه، ولكن لا يقسم بين ورثته رجاء أن يعود، وإن لحق بدار الحرب فإنه يرث عنه كما لو مات، فينعتق عليه رقيقه وأمهات أولاده، ويقسم ماله على الورثة، فإن عاد فالذي عتق لا يعود والعتق نافذ، وأما المال نظرت، فإن كان عينا يرد، وما كان قد تلف لا يرجع عليه ولا ضمان على ورثته.
قال الشافعي: قلت لمحمد بن الحسن: رجل ارتد ولحق بدار الحرب نرث عنه؟ قال: نعم، قلت: إن عاد مع أهل الحرب ويقاتلنا نرث عنه؟ قال: كذلك، قلت: رجل حي يقاتلنا نرث عنه؟ قال أبو حامد الإسفرايني: حكى أبو أيوب الفرضي عن أبي حنيفة من مذهبه شيئا عجيبا، وذلك أنه قال: الزوجان إذا ارتدا ولهما أولاد ولحقا بدار الحرب قال: فإن حملا الأولاد إلى دار الحرب حكم بكفر الأولاد أيضا، وإن تركا الأولاد في دار الإسلام لا يحكم بردتهم وكفرهم.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم على أن المسلم يرث الكافر، والكافر لا يرثه وهي على عمومها، وأيضا قوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، ولم يفرق، وقوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، وقوله: ولأبويه لكل واحد منهما السدس، وقوله: ولكم نصف ما ترك أزواجكم، وقوله: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، ولم يفرق بين المرتد وغيره.