وقد تكلمنا على ذلك في تهذيب الأحكام، وبينا أن مذهبنا في الوصية مخالف لمذهب القوم، وهو أن النقص يدخل على من ذكر أخيرا فلا يلزمنا ما قالوه، وأما الديون فلا تشبه ما نحن فيه لأنها باقية في ذمة الميت، فإذا قضى بعضها بقي الباقي في ذمته، وليس كذلك ذو السهام لأنهم يستحقون من التركة ما يصيب كل واحد منهم، فإذا نقصوا عما سمى لهم لم يبق لهم شئ هناك فبان الفرق بين ذلك والوصية والدين، وذكرنا هناك ما يلزم القائلين بالعول من المحال والأقوال الشنيعة ما يكفي فلا نطيل بذكره هاهنا.
واستدلوا أيضا بخبر رواه عبيدة السلماني عن علي عليه السلام حين سئل عن رجل مات وخلف زوجة وأبوين وابنتيه فقال عليه السلام: صار ثمنها تسعا، قالوا: وهذا صريح بالعول لأنكم قلتم أنها لا تنقص عن الثمن، وقد جعل عليه السلام ثمنها تسعا، والجواب عن ذلك من وجهين:
أحدهما: أن يكون خرج مخرج التقية لأنه كان يعلم من مذهب المتقدم عليه القول بالعول، وتقرر ذلك في نفوس الناس فلم يمكنه إظهار خلافه كما لم يمكنه المظاهرة بكثير من مذاهبه، ولأجل ذلك قال لقضاته وقد سألوه: بم نحكم يا أمير المؤمنين؟ فقال: اقضوا بما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي، وقد روينا شرح هذا في كتابنا الكبير، وما روي من تصريح أمير المؤمنين عليه السلام بمذهبه لعمر وأنه لم يقبل ذلك وعمل بما أراده.
والوجه الآخر: أن يكون ذلك خرج مخرج النكير لا الإخبار، والحكم كما يقول الواحد منا إذا أحسن إلى غيره وقابله بالذم والإساءة فيقول: قد صار حسني قبيحا، وليس يريد بذلك الخبر بل يريد الإنكار حسب ما قدمناه، والكلام في هذه المسألة مستوفى حيث ذكرناه.
مسألة 82: ابنا عم أحدهما أخ من أم، للأخ من الأم السدس بالتسمية بلا خلاف، والباقي يرد عليه عندنا لأنه أقرب من ابن العم.