ناقضين لها ومبطلين للحياة وهذا هو معنى القتل، فثبت أنه قد وجد من كل واحد من الجماعة معنى القتل وحقيقته فيجب أن يسمى قاتلا.
ووجدت لبعض من نصر هذا المذهب - أعني القول بجواز قتل الجماعة بواحد - كلاما سأل فيه نفسه فقال: إذا كان كل واحد من الجماعة قاتلا فينبغي أن يكون كل واحد منهم قاتلا لنفس غير التي قتلها صاحبه، وأجاب عن هذا الكلام: بأن كل واحد من الجماعة قاتل لكنه ليس بقاتل نفس كما أن الجماعة إذا أكلت رغيفا فكل واحد منهم أكل لكنه ليس بأكل رغيف، وهذا غلط من القائل لأن كل واحد من الجماعة إذا اشتركوا في القتل قاتل كما قال فلا بد أن يكون قاتل نفس فكيف يكون قاتلا وما قتل نفسا غير أن النفس التي قتلها واحد من الجماعة هي النفس التي قتلها شركاؤه والنفس واحدة والقتل مختلف كما قلناه في الجسم المحمول، وليس كذلك الرغيف لأن الجماعة إذا أكلت رغيفا فكلهم أكلوا وليس كل واحد منهم أكل رغيفا وإنما أكلت الجماعة الرغيف، وكل واحد منهم إنما أكل بعضه لأن الرغيف يتبعض والنفس لا تتبعض كما أن حمل الجسم الثقيل لا يتبعض فما يحمله كل واحد من الجماعة هو الذي يحمله الآخر، وكذلك يجب أن يكون من قتله واحد من الجماعة إذا اشتركوا في القتل هو الذي قتله كل واحد منهما، وتحقيق هذا الموضع ليس من عمل الفقهاء ولا مما يهتدون إليه لفقد علمهم بأصوله فلا يجب أن يتعاطوه فيفتضحوا.
فإن قيل: قد ثبت أن الجماعة إذا اشتركوا في سرقة النصاب لم يلزم كل واحد منهم القطع وإن كان كل واحد منهم إذا انفرد بسرقة لزمه القطع، وأي فرق بين ذلك وبين القتل مع الاشتراك؟
قلنا: الذي نذهب إليه وإن خالفنا فيه الجماعة: أنه إذا اشترك نفسان في سرقة شئ من حرز وكان قيمة المسروق ربع دينار فصاعدا فإنه يجب عليهم القطع معا، فقد سوينا بين القتل والقطع وإنما ينبغي أن يسأل عن الفرق بين الأمرين من فرق بينهما.