ومن كان عليه صيام فريضة أو قضاء شهر رمضان أو كفارة قتل الخطأ أو غير ذلك من وجوه الصيام المفروضة لم يجز له إن يصومه في السفر، فإن فعل في السفر شيئا يلزمه به الصيام انتظر قدومه إلى بلده ولا يصوم في السفر، فإن نوى مقام عشرة أيام فصاعدا في بلد غير بلده جاز له حينئذ الصيام.
وأما صيام النذر فإن كان الناذر قد نذر أن يصوم أياما بأعيانها أو يوما بعينه ووافق ذلك اليوم أو الأيام أن يكون مسافرا وجب عليه الإفطار وكان عليه القضاء، وكذلك إن اتفق أن يكون ذلك اليوم يوم عيد وجب عليه الإفطار ولا قضاء عليه على الصحيح من الأقوال، وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله إلى وجوب القضاء في نهايته ورجع عنه في مبسوطه لأن القضاء عما انعقد عليه النذر ويوم العيد لا يجوز نذره ولا ينعقد وهو مستثنى من الأيام. وإلى ما اخترناه ذهب ابن البراج وغيره من أصحابنا، وما أورده شيخنا في نهايته خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا وقد بينا أن أخبار الآحاد لا يجوز العمل بها في الشريعة عند أهل البيت ع وإنما أورده إيرادا لا اعتقادا على ما ذكرناه من الاعتذار.
وإن كان الناذر نذر أن يصوم ذلك اليوم أو الأيام على كل حال مسافرا كان أو حاضرا فإنه يجب عليه الصيام في حال السفر، ويجوز صيام الاعتكاف في حال السفر وكذلك صيام الثمانية عشر يوما لمن أفاض من عرفات قبل غروب الشمس عامدا ولم يجد الجزور، والمريض الذي لا يقدر على الصيام أو يضر به يجب عليه الإفطار ولا يجزئ عنه إن صامه بعد تقدم علمه بوجوب الإفطار، فإن لم يتقدم له العلم بذلك ولا عرف الحكم فيه وصام فإن صيامه صحيح ولا يجب عليه القضاء، فإن أفطر في أول النهار ثم صح فيما بقي منه أمسك تأديبا وكان عليه القضاء، فإن لم يصح المريض ومات من مرضه الذي أفطر فيه يستحب لولده الأكبر من الذكور أن يقضي عنه ما فاته من الصيام وليس ذلك بواجب عليه، فإن برئ من مرضه ذلك ولم يقض ما فاته ثم مات وجب على وليه أن يقضي عنه، وكذلك إن كان قد فاته شئ من الصيام في السفر ثم مات قبل أن يقضي وكان متمكنا من القضاء وجب على وليه أن يصوم عنه، فإن فات المريض صوم شهر رمضان واستمر به المرض إلى رمضان آخر ولم يصح فيما بينهما صام الحاضر وقضى الأول.