وقد وردت رواية شاذة بأنه يكون مخيرا بين إتمام الصلاة وبين قصرها وهو الذي أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته. وذهب شيخنا المفيد إلى التخيير في الصلاة والصوم والأول هو المعتمد وقد أشبعنا القول في هذا في كتاب الصلاة.
وإذا خرج الانسان إلى السفر بعد طلوع الفجر أي وقت كان من النهار وكان قد بيت نيته من الليل للسفر وجب عليه الإفطار بغير خلاف بين أصحابنا، وإن لم يكن قد بيت نيته من الليل للسفر ثم خرج بعد طلوع الفجر، فقد اختلف قول أصحابنا في ذلك، فذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله: إلى أنه يجب عليه إتمام ذلك اليوم وليس عليه قضاؤه فإن أفطر فيه وجب عليه القضاء والكفارة ويستدل بقوله تعالى: ثم أتموا الصيام إلى الليل، والذي يقال في ذلك: إن هذا خطاب لمن يجب عليه الصيام ومكلف به في جميع يومه ويخرج المسافر من تلك الآية قوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، وأيضا فالحائض في وسط النهار يجب عليها أن تعتقد أنها مفطرة بغير خلاف وخرجت من الآية وما وجب عليها الإتمام، وكذلك من بيت نيته للسفر من الليل هو قبل خروجه من منزله وقبل أن يغيب عنه أذان مصره مخاطب بالصيام مكلف به لا يجوز له الإفطار فإذا توارى عنه الأذان يجب عليه الإفطار، وما وجب عليه الإتمام للصيام الذي كان واجبا عليه الإمساك والصيام قبل خروجه، وبالإجماع يجب عليه الإفطار ولم يجب عليه الإتمام فقد أخرج من عموم الآية المستدل بها وخصص فإذا ساع له التخصيص ساغ لخصمه ذلك وبطل استدلاله بالعموم لأنه المستدل به وما سلم له وكل من استدل بعموم ولم يسلم له وخصصه ساع لخصمه تخصيصه لأنه ما هو أولى بالتخصيص من خصمه ويبطل استدلاله بالعموم.
وذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله إلى أنه: متى خرج إلى السفر قبل الزوال فإنه يجب عليه الإفطار فإن صامه لا يجزئه صيامه ووجب عليه القضاء، وإلى هذا القول أذهب وبه أفتى لأنه موافق لظاهر التنزيل والمتواتر من الأخبار. وقال ابن بابويه في رسالته:
يجب عليه الإفطار وإن خرج بعد العصر والزوال، وهذا القول عندي أوضح من جميع ما قدمته من الأقوال، لأن أصحابنا مختلفون في ذلك وليس على المسألة والأقوال فيها إجماع منعقد