الحاكم بالاقتصار على الحد فزاد الحداد عمدا اقتص منه وإن زاد سهوا فالنصف على عاقلته سواء غلط في حساب الأسواط أولا انتهى.
أقول: وما ذكره من الاقتصاص من الحداد إذا زاد عمدا مع أمر الحاكم بالاقتصار، يمكن أن يكون المراد الاقتصاص مع دفع نصف الدية إليه إذا كان قد تعمد قتله وذلك لأنه مع قصد القتل يحصل المجوز إلا أنه لما كان قسم من هذه الضربات سائغا من باب الحد فلذا يدفع إليه عند الاقتصاص النصف من الدية.
والحق أن يقال: إنه تارة يضرب من الأول قاصدا للقتل، وأخرى يبدو له ذلك بعد تمام الحد فبعد ذلك زاد بقصد القتل، وما ذكر من دفع نصف الدية إلى الحداد يتم في الثاني دون الأول، وذلك لأنه إذا كان من بد الأمر قاصدا للقتل فهو ليس بحد من أول الأمر لأنه لم يكن شئ من الأسواط سائغا والحد يحتاج إلى قصد القربة فيبقى أنه قد ضربه إلى أن قتله متعمدا فيقتص منه بلا حاجة إلى دفع شئ إليه.
ثم إنه لو لم يحصل الجزم بالتنصيف في الدية أو توزيعها على حسب الأسواط وشك في ذلك فيمكن أن يقال بدفع ما كان مقطوعا به على كلا القولين ففي مثال الواحد والثمانين يدفع جزء من الدية نسبته إليها نسبة الواحد إلى واحد وثمانين، فيكون الشك في الزائد ويدفع بالبراءة إن لم نقل بأن المقام من باب الاحتياط لا البراءة.
ثم إن حاصل الكلام أنه مع قصد القتل يجري القصاص سواء كان من الحاكم أو الحداد غاية الأمر أنه إذا أراد الولي القصاص فعليه دفع نصف الدية إلى الأولياء وكذلك لو لم يقصد القتل بل قصد الفعل لكن كان الفعل بحسب الحال مفضيا إلى موته فإنه كالضرب بآلة تقتل عادة وإن لم ينو الضارب القتل، وذلك لأن الضرب بها ملازم لقصد القتل وإن لم يكن ناويا له مستقيما والملاك في القتل العمدي هو أحد هذين الأمرين.
وأما لو لم يكن من هذين القبيلين بل كان من باب قصد الفعل غضبا فانجر إلى