وقد يرى من يتفوه بكلمة خبيثة وحين ما يعترض عليه المخاطب في قوله هذا يجيب بأني قد أردت المزاح لا الجد، والحاصل أن الفحش والشتم غير القذف فإن القذف هو النسبة فإلقاء الكلمة فحشا لا يؤثر في إيجاب الحد.
ومع ذلك كله من الممكن أن يقال: إنه يحسب قذفا لترتب الأثر على الظاهر إلا أن يأتي قرينة على ذلك عند إلقائه. كما وأنه قد أجاب بعض عن الكلام الأول بأن كونه فحشا باعتبار النسبة ولولاها لم ينتزع الفحش أصلا.
وعلى الجملة فلو ألقى اللفظ الصريح في الزنا لكن بلا قصد للرمي بل قاصدا به المجاز فهل هو كالانشاءات التي لا تتحقق بدون القصد فلا يحصل الملك مثلا بدون قصده؟ الظاهر أن هذه اللفظة لفظة الرمي والقذف فإن الرمي ليس شيئا وراء ما يوجب فضيحة المخاطب مثلا وهي قد حصلت بهذه اللفظة ويصدق قوله تعالى: والذين يرمون إلخ على من ألقى تلك الكلمة سواء قصد القذف أم لا.
والحق أن المسألة محل الاشكال وإني أقول في هذا المقام ما قاله العلامة أعلى الله مقامه في بعض المسائل والمقامات: إني في ذلك من المتوقفين.
ثم إنه لو كان اللفظ مجملا فلا يترتب عليه الحد.
ولو عادى أني ما كنت أعرف معناه أو ما قصدت ذلك فإنه يقبل منه ويصدق في ذلك إن أمكن ذلك في حقه بأن أمكن عدم معرفته بذلك مثلا وأما إذا كان ناشئا بين العارفين بها لم يقبل قوله. وأما صدق القاذف أو كذبه فلا دخل له في القذف وإجراء الحد عليه.