والتوهين.
قال في النافع بعد ذكر بعض ألفاظ القذف: إذا كانت مفيدة للقذف في عرف القائل ولا يحد مع جهالته فائدتها.
وأورد عليه بعض المعاصرين بقوله: وأما ما ذكر من أنه لا يحد مع جهالته فائدتها ففي إطلاقه نظر فإن الجاهل تارة لا يخطر بباله أن كلامه رمي فلا إشكال فيه، وأخرى يحتمل، فمع الاحتمال كيف يكون معذورا وهذا كما لو قال أحد في مقام العداوة: قل لفلان كذا وكذا من الألفاظ الصريحة في الرمي أو الشتم وقال الواسطة: الألفاظ المذكورة، لفلان المذكور مع احتمال الواسطة أن يكون القول المذكور رميا أو شتما فهل يكون الواسطة معذورا؟ كما لو أمر كاتبه: اكتب لفلان كذا وكذا بلغة لا يعرفها الكاتب مع احتمال الرمي والشتم، فالكاتب ليس معذورا عند المكتوب إليه.
وحاصل كلامه وإشكاله الفرق بين الجاهل المركب والبسيط فلو كان جاهلا محضا لا يلتفت إلى المطلب فالأمر كما ذكر، وأما إذا كان جاهلا شاكا متوجها إلى جهله وملتفتا إليه فإنه يحتمل عند نفسه أن يكون كلامه شتما وقذفا فهنا لا يتم القول بأنه معذور للجهالة.
ثم تعرض لاشكال وجوابه بقوله: لا يقال: مع الاحتمال يكون القائل معذورا لكون الشبهة بدوية كسائر الشبهات البدوية لأنه مع صدق الرمي يترتب الحكم كما لو رأى الزنا أو اللواط وتخيل أنه مع الرؤية يجوز الرمي، وكما لو رأى الأربعة وبناءهم على الشهادة مجتمعين فشهد بعضهم ولم يشهد بعض آخر مع الاجتماع، وثانيا الجواز معلق على جواز ما يحتمل كونه إيذاءا للمؤمن ولا أظن أن يلتزم به والبناء على الاستحلال إذا صدر كلام فيه شبهة إساءة الأدب (1).
ونحن نقول: إن الاحتمال هنا وإن كان منجزا للتكليف حيث إن عرض المسلم كدمه ويتوجه عدم المعذورية للاهتمام البالغ بذلك ووجوب الاحتفاظ