تجاوز محله فيكون مفادها فيمن شك في الطهارة بعد الصلاة ان الطهارة موجودة بالنسبة إلى الصلاة المأتي بها لا مطلقا، هذا.
ولقد مر منا بعض الكلام في الأمور السالفة مما هو راجع إلى المقام وأثبتنا ان المستفاد من الأدلة هو جعل قاعدة واحدة هي قاعدة التجاوز وان قاعدة الفراغ لا أصل لها، والآن نقول: اما كون القاعدة أو القاعدتين أمارة عقلائية أو أصلا عقلائيا أو إحداهما أمارة عقلائية والأخرى أصلا عقلائيا، فمما لا وجه له، لعدم ثبوت بناء العقلاء على ذلك مطلقا.
وما يقال: ان قاعدة الفراغ قاعدة عقلائية لا قاعدة التجاوز ففي غاية السقوط لأن المناط لدى العقلاء لبس عنوان الفراغ قطعا بل لو كان مناط لديهم فليس الا الغلبة المشار إليها في صدر المبحث، وهذه الغلبة محققة في التجاوز والفراغ بعنوان التجاوز عن المحل لا الفراغ عن جميع العمل: فمن شك في الركعة الأخيرة في ركوع الركعة السابقة لو بنى العقلاء على إتيانه أو كانت أمارة عقلائية عليه فإنما هو لأجل ان الفاعل المريد لفراغ ذمته انما يأتي بما هو وظيفته في محله فإذا تجاوز عن المحل وشك فيه يكون ما هو المناط محققا، وليس إتيان ساير الاجزاء دخيلا فيه ولا إتيان جميع المركب ولا الفراغ منه.
ولو قيل: ان المناط في عدم الاعتناء هو تحقق الفصل الطويل بين محل المشكوك فيه ومحل حدوث الشك وهو محقق في قاعدة الفراغ دون التجاوز (يقال له): مع كونه ممنوعا منقوض طردا وعكسا، وعلى أي حال لم يثبت بناء العقلاء على عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ أو التجاوز، ولم يثبت إلقاء الاحتمال وترتيب الأثر على هذه الغلبة عند العقلاء.
فلا بد من عطف النظر إلى مفاد الأدلة فنقول: انها على طوائف:
منها - ما يكون مفادها هو مجرد الأمر بالمضي كموثقة محمد بن مسلم وصحيحته المنقولة في الخلل وصحيحة إسماعيل بن جابر ومثلها غيرها.