واما دعواه ان بناء العقلاء على عدم الاعتناء بمثل هذا الشك مطلقا (فممنوعة) كما ذكرنا سابقا، واما الشك الحاصل من احتمال الترك عمدا فقد ظهر حكمه مما مر من ان سوق الروايات هو اختصاص القاعدة بصورة الشك مع احتمال الترك السهوي لا العمدي، وقوله: «هو حين يتوضأ اذكر» وان كان ظاهره انه لما كان اذكر يأتي به لكن ليس في مقام التعبد بوجود المشكوك فيه ولو مع احتمال الترك العمدي ولا إطلاق فيه من هذه الجهة بل عدم الترك عمدا مفروض بين السائل والمسؤول عنه فلا يستفاد من الروايات الا الشك مع كون الترك على فرضه مستندا إلى السهو والخطاء وأمثالهما.
نعم احتمال الترك التعمدي مما لا يعتنى به العقلاء فان العاقل المريد لإبراء الذمة لا يترك ما يعتبر في المأمور به عمدا مع العلم بان تركه موجب للبطلان بل الترك عمدا منه مع التوجه بكل الخصوصيات حكما وموضوعا ممتنع عادة، وهذا مراد الشيخ الأنصاري من قوله: ان الترك سهوا خلاف فرض الذكر وعمدا خلاف إرادة الإبراء، فنفي الترك السهوي بالقاعدة والعمدي بقاعدة عقلائية هي انه خلاف إرادة الإبراء.
واما الشك الطاري من احتمال وجود الحائل فلا يعتنى به العقلاء مطلقا لا حال العمل ولا قبله ولا بعده، وبعض صوره مشمول القاعدة أيضا، واما الشك في حائلية الموجود فلا شبهة في اعتناء العقلاء به، واما شمول القاعدة له فيما إذا كان احتمال الترك مستندا إلى الغفلة عن رفع الحائل وإيصال الماء إلى البشرة فلا إشكال فيه، كما انه لا إشكال في عدم الشمول فيما إذا احتمل وصول الماء قهرا مع العلم بالغفلة عن رفعه حين العمل وهي الصورة الثانية التي لم يكن غافلا عن صورة العمل، ويظهر حال صورة تردده بين الأمرين مما ذكرنا في صورة الجهل (1)، وبالتأمل فيما ذكرنا