واردة مورد توهم الحظر فلا يفهم منها أزيد من الجواز.
وقد يقال بعد تسليم أصل الدعوى بان كونه عزيمة لا يتوقف على كون الأمر بالمضي للوجوب بل يكفي في ذلك كونه متفرعا على حكم الشارع بان شكه ليس بشيء فان مقتضى ذلك كون التلافي بقصد المشروعية تشريعا وملحقا بالزيادة العمدية.
وفيه ان غاية ما يستفاد من مثل قوله: «شكك ليس بشيء» انه لا يعتنى به فيأتي الكلام في ان عدم الاعتناء هل هو على وجه العزيمة أو الرخصة، فلو سلم انه لا يستفاد من الأوامر أزيد من الجواز لا وجه لدعوى ان الإتيان بقصد المشروعية تشريع، لأن مقتضى عدم الاعتناء على وجه الرخصة ان المكلف مرخص في ترك هذا الجزء من المركب ومجاز في عدم الاعتناء بشكه كما انه مرخص في إتيانه، فحينئذ لا تكون أدلة التجاوز حاكمة على استصحاب عدم الإتيان بالجزء المشكوك فيه، فمقتضى الاستصحاب وأدلة التجاوز انه لو أتى به يكون جزء للمركب ولا بأس بتركه ولو قلنا بمحكومية الاستصحاب على فرض دلالة أدلة التجاوز على كون عدم الاعتناء على وجه الرخصة يجوز الإتيان بالجزء أيضا بعنوان الجزئية لا لقاعدة الاشتغال حتى يقال يدور الأمر بين المحذورين، بل للاستفادة من الأدلة الخاصة الواردة في الشك في المحل فإنها بكثرتها تدل على ان الإتيان بعنوان الجزئية لا مانع منه.
والتحقيق ان يقال: ان المستفاد من الأدلة كما عرفت ان المكلف الذي هو اذكر حين العمل وأقرب إلى الحق قد أتى بما هو وظيفته لا محالة كما يفصح عن ذلك قوله في صحيحة حماد قد ركعت امضه وقوله في موثقة عبد الرحمن: قد ركع، فيستفاد من تلك الأدلة التعبد بوجود الجزء اما لقيام الأمارة عليه أو لكون الأصل محرزا له، فمع التعبد بوجوده يكون الإتيان به زيادة عمدية لا من باب التشريع بل كسائر الزيادات العمدية، والفرق ان الزيادة هناك وجدانية وهاهنا من ضم الوجدان إلى الأصل أو الأمارة، وليس الأصل مثبتا لأن مفاد الأصل ليس الا وجود الجزء فإذا أتى المكلف بجزء آخر يندرج الموضوع في عنوان من زاد في صلاته فعليه الإعادة فلو شك في إتيان السورة بعد الدخول في القنوت فأتى بسورة أخرى يكون من القرآن فإنه ليس الا إتيان سورة بعد إتيان سورة،