وقوله أيضا في خبر زيد الشحام: (لأن أعطي صاعا من تمر أحب إلي من أن أعطي صاعا من ذهب في الفطرة) (1) ومقتضى التعليل المذكور مساواة الزبيب للتمر. وظهر مما ذكر وجه فضل إخراج كل إنسان ما يغلب على قوته وإن أشكل وجه الترتيب المذكور والأمر سهل.
وأما تعيين المقدار المخرج بالصاع فالظاهر عدم الخلاف فيه وادعي عليه الاجماع ودل عليه النصوص فما في صحيح الحلبي وصحيح الفضلاء (2) من الاجتزاء بنصف صاع من حنطة أو شعير وكذا ما في غيرهما مطرح أو محمول على التقية كما جزم به في التهذيبين، ويشهد له بعض الأخبار وقد بين سابقا أن الصاع تسعة أرطال بالعراقي.
وأما تعيين المقدار في اللبن بأربعة أرطال فلما في مرفوع القاسم (أنه سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة؟ قال: يتصدق بأربعة أرطال من لبن) (3) وفسره قوم بالمدني لمكاتبة ابن الريان إلى الرجل (يسأله عن الفطرة وزكاتها كم تؤدى؟ فقال: أربعة أرطال بالمدني) (4).
ولا يخفى أن هذه المكاتبة إن أخذ بإطلاقها فهو مخالف للمقطوع به نصا و فتوى، وتخصيصها بخصوص اللبن تخصيص بشيع فلا مجال للأخذ بها، والمرفوع المذكور يشكل الأخذ به مع أن مورد السؤال من لا يمكنه الفطرة، ومخالفته للاطلاقات خصوصا خبر جعفر بن معروف قال: (كتبت إلى أبي بكر الرازي في زكاة الفطرة وسألناه أن يكتب في ذلك إلى مولانا يعني علي بن محمد الهادي عليهما السلام فكتب أن ذلك قد خرج لعلي بن مهزيار أنه يخرج من كل شئ التمر والبر و غيره صاع وليس عندنا بعد جوابه عليا في ذلك اختلاف) (5).