الموقع الثالث في شرح المؤونة الخارجة عما يتعلق به الخمس من هذا القسم فنقول: المراد من المؤونة في خصوص هذا القسم ليس مؤونة التحصيل بل مؤونة الشخص وما يصرفه في حوائجه طول السنة، ويدل عليه قوله عليه السلام في مكاتبة ابن مهزيار الطويلة، فأما الذي أوجب من الضياع والغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كل ضيعته تقوم بمؤونته ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤونته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك وقوله عليه السلام في خبر علي بن راشد المتقدم (إذا أمكنهم بعد مؤونتهم) وغيرهما من الأخبار فيقيد الاطلاقات لكن ليس فيها تصريح بمؤونة السنة، وقد يدعى أن المؤونة منصرفة إلى مؤونة السنة كما يقال: فلان يفي كسبه أو ضيعته بمؤونته يفهم منه أن ما يستفيده لا يقصر عما يحتاج إليه في معاشه في السنة لكن هذا الانصراف لا يثبت خصوص السنة القمرية بل لعلة يثبت السنة الشمسية وظاهر كلمات الفقهاء العام الهلالي ومن هذه الجهة اختار بعض الأعلام إخراج المؤونة في العام الشمسي ويمكن استفادة مؤونة العام الهلالي من قوله عليه السلام في صحيحة علي ابن مهزيار الطويلة (فأما الذي أوجب من الضياع والغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمؤونته، فالعام منصرف إلى العام العربي الهلالي فإذا أوجب الخمس في كل عام بعد إخراج المؤونة فالمؤونة المخرجة مؤونة العام الهلالي.
وأما تفسير المؤونة فقد صرح غير واحد بأن المراد بها كل ما ينفقه على نفسه وعلى عياله وعلى غيرهم للأكل والشرب واللباس والمسكن والتزويج والخادم وأثاث البيت والكتب وغير ذلك مما يعد مؤونة عرفا فتعم مثل الهبة و الصدقة والصلة والنذور وغيرها من الأفعال الواجبة أو المندوبة كزيارة المشاهد أو بناء المساجد والضيافة اللائقة بحاله وما يدفعه إلى الظالم للأمن من ضرره إلى غير ذلك من المقاصد العقلائية، وفي عد بعض أفراد ما ذكر من المؤونة إشكال كما لو وهب ما استفاده إلى ولده أو زوجته وليس من شأنه أن يهب هذا المقدار و مع الشك يرجع إلى العمومات والمطلقات لما هو المقرر في الأصول من الرجوع