وأما الشروط فمنها النية بالمعنى المذكور في سائر العبادات ووجه اعتبارها بعد الفراغ عن عباديته واضح، وقد مر الكلام فيها في أبواب العبادات.
ومنها الصوم فلا يصح بدونه إجماعا ويدل عليه قول الصادق عليه السلام على المحكي في حسن الحلبي وغيره (لا اعتكاف إلا بصوم) (1) وقول علي بن الحسين عليهما السلام على المحكي في خبر الزهري (وصوم الاعتكاف واجب) (2) وقد يقال: لا يعتبر أن يكون للاعتكاف بل يكفي لزومه أو استحبابه لجهة أخرى فاعتبار الصوم كاعتبار الطهارة في الصلاة فكما أنه لو حصل الطهارة لواجب غير الصلاة كفت للصلاة، كذلك يكفي صوم شهر رمضان مثلا للاعتكاف، ويمكن أن يقال بالفرق بين الطهارة الحاصلة والصوم فالطهارة الحاصلة كافية للصلاة من جهة أنه لا يعتبر في الصلاة إلا الطهارة وهي حاصلة ولا يعقل تحصيل الحاصل، وأما الصوم لجهتين فيمكن أن يتحقق لأمرين أحدهما أداء فريضة شهر رمضان مثلا والآخر أداء أمر الاعتكاف كما لو تعلق النذر بواجب أو مستحب فأتى المكلف به بقصد أداء الواجب أو المستحب والوفاء بالنذر فيتأكد الواجب والمستحب ولا إشكال فيه فقد ظهر أن الاعتكاف لا يصح إلا في زمان يصح فيه الصوم فلا يصح في العيدين، ولا في حال الحيض و النفاس، وقيل: لا يصح من المسافر بناء على عدم مشروعيته منه، وعن ابن بابويه والشيخ وابن إدريس (قدس أسرارهم) استحباب الاعتكاف في السفر محتجين عليه بأنه عبادة مطلوبة للشارع لا يشترط فيه الحضر، فجاز صومها في السفر وأورد عليه بأنه يكفي في اشتراط الحضر فيه اشتراطه في شرطه وهو الصوم ويكفي في اشتراطه قوله عليه السلام على المحكي: (ليس من البر الصيام في السفر) (3) واحتمال العكس بأن يقال: لا اعتكاف إلا بصيام والاعتكاف للاطلاق مشروع سفرا وحضرا فالصوم له كذلك كما ترى ولا أقل من أن يكون من التعارض في وجه والترجيح لما ذكر ويمكن أن يقال الصوم في السفر بالنذر مشروع كما ذكر في كتاب الصوم وهو كاف