في الاعتكاف في السفر وفي غير صورة النذر مع تسليم التعارض لم يظهر وجه لتقديم ما ذكر بل لعل المرجع أو المرجح عموم ما دل على استحباب الصوم حيث لا يقال بالتخيير في العامين من وجه ولا يعامل معهما معاملة المتباينين.
ومنها العدد فلا يصح الاعتكاف إلا ثلاثة أيام بلا خلاف ظاهرا ويدل عليه قول الصادق عليه السلام على المحكي في خبر أبي بصير وموثق عمر بن يزيد: (لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام) (1) كقوله على المحكي في خبر داود بن سرحان (الاعتكاف ثلاثة أيام) (2) وقول أبي جعفر عليه السلام على المحكي في خبر أبي عبيدة (من اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أيام أخر وإن شاء خرج من المسجد، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام) (3) لكن هذا الخبر لا يدل على المدعى والمعروف أن اليوم من طلوع الفجر إلى ذهاب الحمرة المشرقية فلا تدخل الليلة الأولى في الثلاثة فضلا عن الأخيرة فالنية حينئذ عنده لا عندها وإثبات ما ذكر من تعيين المبدء والمنتهى لليوم لا يخلو عن إشكال والظاهر أنه في باب الإجارة من طلوع الشمس ولعل المنتهى فيه غروب الشمس. نعم في باب الصوم يكون المبدء طلوع الفجر وفي المنتهى الكلام فيه، الكلام في منتهى الظهرين وأول العشائين ودعوى أن ما ذكر هو المراد من اليوم لغة وعرفا مشكلة ومجرد الاستعمال مما ذكر في باب الصوم لا يثبت الحقيقة لما هو المعروف من أن الاستعمال أعم من الحقيقة، نعم يظهر من بعض الأخبار التمسك به في مقام الاحتجاج والظاهر أنه لم يكن من باب الجدل.
ومنها المكان وهو المسجد الجامع لقول الصادق عليه السلام على المحكي في صحيح الحلبي (لا اعتكاف إلا بصوم في مسجد الجامع) (4) وقوله في خبر ابن سنان (5) (لا يصح العكوف في غيرها يعني مكة إلا إن يكون مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)