الأخبار السابقة أقوى من جهة الدلالة بملاحظة العلة المذكورة فيها، ثم إن العذر قد يكون اضطراريا كالمرض والحيض وقد يكون اختياريا كالسفر لا أشكال في البناء في القسم الأول وأما القسم الثاني فقد يقرب البناء فيه بأن لزوم الافطار من قبل الله تعالى لا من قبل المكلف فيكون مما غلب الله تعالى عليه، فمقابله الافطار من دون السبب مرخص وفيه نظر فإن ظاهر الأخبار أن منشأ البناء عدم تمكن المكلف من حفظ التتابع ومن المعلوم أن المسافر متمكن من حفظ التتابع وباختياره سافر سفرا حكم له بالافطار فلا يصدق أنه مما غلب الله عز وجل عليه ومن المعلوم أن الغلبة جهة زائدة فلو كان المدار نفس الرخصة من الله تعالى لم يكن الحكم معلقا بالجهة الزائدة.
وأما الاستيناف مع الافطار لا لعذر أو لا لما غلب الله عليه ففي الشهرين لا خلاف فيه ظاهرا وتدل عليه الأخبار حيث علل فيها البناء على الغلبة والحبس من الله عز وجل فمع عدم هذا النحو من العذر لا يبني وأما غير الشهرين فقد يستشكل في لزوم الاستيناف مع عدم العذر من جهة أن صيام الأيام ليس عبادة واحدة حتى يقال مع الاخلال بالتتابع ما أتى بالمأمور به على وجهه فيبقى في عدة المكلف كالصلاة المركبة من الركعات، لأن لازم هذا فساد صيام الأيام السابقة مع الاخلال بالتتابع كما يكشف فساد الركعة الأخيرة عن فساد الركعات السابقة ويصعب الالتزام به مع حصر مفسدات الصوم الشامل لصوم الكفارة في غير ذلك، ويمكن أن يقال بعد دلالة الدليل في الشهرين على لزوم الاستيناف لا مجال لهذا الاشكال في غير الشهرين فما يجاب به عنه في الشهرين يجاب به عنه في غير الشهرين مما يجب فيه التتابع بعد استظهار اعتباره بنحو وحدة المطلوب ولا يلزم منه فساد الصوم المنافي للحصر بل يمكن أن يقال: الصوم صحيح من حيث أنه صوم لكنه مع عدم التتابع لا يجزي عن الكفارة فيكون الصوم مع عدم التتابع كالطهارة عن الحدث المعتبرة في الصلاة حيث أنه مع ترك الصلاة وعدم الاتيان بها لا يكشف بطلان الطهارة لأنها كانت للصلاة ولم يؤت بها وأما استثناء من وجب عليه صوم شهرين