وأقول هيهنا فرق دقيق يجب التنبيه عليه وهو انه فرق ما بين نحو تركب الشئ كالجسم الطبيعي من مادة وصوره عند المشائين وبين تركبه من موضوع وعرض عند صاحب التلويحات.
وعند تحقيق هذا الفرق بين نحوي التركيب في المذهبين لقائل ان يقول بقاء الجرم العيني المتقوم من جوهرين يتقوم كل منهما بالآخر مع تبدل أحدهما الذي هو الاتصال الجوهري غير صحيح عند صاحب الفطرة السليمة بخلاف الجرم العيني المتقوم من جوهر هو في الحقيقة تمام مهية الجسم بما هو جسم وعرض هو من معيناته ومنوعاته فإنه مما لا استحالة عند العقل في بقاء مركب بعينه ببقاء أحد جزئيه بالعدد وبقاء الجزء الآخر لا بالعدد بل بالمعنى والنوعية بورود الأمثال المتبادلة وذلك لانحفاظ وحدته الشخصية العددية باستمرار وحده أحد جزئيه بعينه.
فما ذكره هذا المعارض المحقق لا يصلح للمعارضة لوجود الفارق المذكور وليس أيضا لقائل ان يقول إن هذا العظيم النحرير قد اعترف بوجود الامتداد الجوهري في حكمه الاشراق فكيف يتأتى له الاستدلال على نفيه.
لأنا نقول ذلك الامتداد معنى آخر مقداري عند الحكماء وهو غير الامتداد المقوم للجسم عندهم الا ان هذا المقدار عرض عندهم وجوهر عنده وقد مر مرارا ان للممتد معنيين أحدهما صوره مقومه للجسمية عند المشائين والاخر عرض خارج عن حقيقة الجسم لازم لها.
والشيخ الإلهي قد أنكر المعنى الأول مطلقا جوهرا كان أو عرضا وأثبت المعنى الثاني وذهب إلى جوهريته وعينيته للجسم في حكمه الاشراق والى عرضيته و جزئيته للجسم في التلويحات كما بينا فإنه هناك بالحقيقة منكر للصورة لا للهيولي.
ومحصل هذا الكلام ان بناء اعتراضه المذكور على ما فهم من ظواهر أقاويل