لان كون الشئ جزء لشئ آخر اضافه خارجه عن مفهوم ذاته وكذا كون الشئ صوره لأمر قابلي بحسب المفهوم غير داخل في مفهوم ذلك الشئ.
فيصح للعقل ان يعتبره مطلقا عن هذين الاعتبارين النسبيين فهذا الممتد المتعين الامتداد داخل تحت مقولة الكم بالذات ومفهومه بسيط عن اعتبار دخوله في الجسم وتقويمه للهيولي وليس مركبا عن المعنى الذي هو به مقوم للجسم وعن معنى آخر عرضي ليلزم تركبه عن جوهر وعرض.
ونظير ذلك أن الأبيض داخل عندهم في مقولة الكيف بالذات كما صرحوا به في مسفوراتهم ولا يكون في الوجود الا جسما ذا بياض وليس هو بمعنى الذي هو بحسبه نوع من الكيفيات المحسوسة مما يدخل فيه الجسمية ولا الجوهرية لا في المفهوم ولا في الوجود بل مفهومه امر مطلق عن الخصوصيتين اللتين هي غير البياض ووجوده أيضا ليس الا وجود ما ينفعل عنه الحاسة البصرية بتفرق نورها سواء كان معه جسم أم لا وليس كون الشئ مفتقرا في وجوده إلى مقارنه أسباب مهيئات وأمور معدات ومقدمات في عالم الحركات مما يوجب له ان يكون وجوده من حيث ذاته متقوما بها بل لو جاز ان يكون في الوجود بياض مجرد عن قابل جسماني لكان بياضا وأبيض بذاته كما أن البياض المفتقر في وجوده إلى الجسم المركب العنصري بياض وأبيض بنفسه لا بذلك الجسم فبياضية البياض وأبيضيته ليست بسبب الجسمية بل وجوده يفتقر إلى حامل يحمله لكونه نحوا ضعيفا من الوجود عرضيا فالجسم الذي له البياض قسم من الجسم مطلقا داخل في مقولة الجوهر بلا شك.
وأما إذا سقطت عنه خصوصية الجسمية واخذ مجرد ما له البياض فهو قسم من اللون داخل في مقولة الكيف فهكذا قياس كميه الجسم التعليمي فان الممتد القابل للابعاد إذا اخذ كونه مقوما للجسم يكون من باب الجوهر وإذا اخذ مجرد امتداد متعين في الجهات ممسوح بعاد مشترك خطى في طوله وعرضه وعمقه أو بعاد مشترك على هيئة المكعب فهو من مقولة الكم.