أبحاث وتحقيقات قال صاحب البصائر وهو ابن سهلان الساوجي معترضا على الحجة المذكورة ان الانفصال عدمي والعدمي لا يحتاج إلى قابل يقبله والا لكان في العدم قوابل موجودة غير متناهية قبل وجود الأشياء.
ودفعه بان الانفصال إن كان عبارة عن حدوث هويتين اتصاليتين فذاك وإن كان عبارة عن عدم الاتصال فليس كل عديم الاتصال منفصلا حتى يكون العقل منفصلا والنقطة منفصله بل لا بد مع ذلك من اضافه إلى محل يبقى معه وله استعداد ما يقابله فكما ان البصر يضاف إلى محل وعضو يتصور بصوره المرئي ويقبل قوة بها يرتسم الألوان فكذلك العمى الذي هو بطلان تلك القوة عن العضو القابل نوعا أو شخصا وكما لا يقبل السواد البياض بل محله كذلك لا يقبل البصر العمى بل محله فعلى هذا القياس لا يقبل الاتصال الانفصال بل محله.
وقد علمت أن قابل الاتصال لكونه محض القابلية يكفيه أقل جهة يتهيأ بها لورود الأشياء عليه لغاية عريه في ذاته عن الصورة فنسبته إلى الاتصال وزواله ثم عوده كنسبة واحده فيقبل العود ثم العود بخلاف غيرها من القوابل الثواني لتصورها بصورها المقومة إياها الموجبة لاستعدادها وقبولها لما يحتاج إلى مزيد تأثير من مؤثر قوى لينفعل به وينتقل من أحد المتقابلين إلى الاخر بل ربما ينفعل من أحد الطرفين بحيث يبطل استعداده لغيره أو للطرف الآخر كالمصور بصوره تمامية لا أتم منها وكالمصور بصوره فلكية أو كوكبية لا ضد لها ولا ند ولا فساد يعتريها الا على نحو الفناء المطلق كما هو عند اشراف الملة والحكمة فليس حال الهيولى الأولى من هذه الجهة بالقياس إلى الوصل والفصل حال العين بالقياس إلى البصر والعمى وحال الانسان بالقياس إلى العلم والجهل.