اما عن الأول فبان الجسم من حيث هو جسم لا يتصور بدون قابلية الابعاد الثلاثة على نعت الاتصال.
ولهذا حدد بها ولو لم يكن متصلا في مرتبه ذاته لم يصح قبوله للمقدار كما سبق من العبارة المنقولة عن الشيخ في الحكمة الفارسية.
وحاصلها ان نفس ذات الجسمية بما هي هي لو لم تكن متصلة واحده في حد جوهريتها بل كان اتصالها من قبل العارض لكانت بحسب وجود ذاتها اما متألفة من الجواهر الافراد متناهية أو غير متناهية أو يكون من قبيل المجردات عن الأحياز والابعاد والجهات ثم يعرضها الاتصال وقابلية الانفصال أو يلحقها التعلق بالابعاد والجهات وكلا الشقين باطل.
فبقي ان يكون الجسم متصلا في حد حقيقته وذاته فقابلية الجسم للابعاد انما يتصور إذا كان متصلا باتصال ثابت له في حد نفسه وما ثبت للجوهر في حد نفسه يكون اما تمام ذاته أو جزئها وجزء الجوهر جوهر فيكون الاتصال جوهرا.
ولقائل ان يقول إن هذا الكلام انما يتم لو ثبت ان تقوم الجوهر بالعرض ممتنع ولم يقم برهان بعد على استحالة تقومه بعرض هو أحد جزئيه القائم بجوهر هو جزئه الاخر كالجسم عند القائلين بتركبه عن الهيولى وعن امتداد عرضي يقوم بها فذلك الامتداد وإن كان معتبرا في حقيقة الجسم عندهم لكنه عرض البتة.
لا يقال نحن نجري الكلام إلى جزئه الجوهري فيلزم ان يكون ممتدا في حد نفسه مع قطع النظر عن عروض الامتداد له.
لأنا نقول هذا بعينه وارد عليكم منقوض بالهيولى التي أثبتم فان الهيولى عندكم متصلة باتصال يرد عليها من قبل الصورة فهي في حد ذاتها غير متصلة ولا منفصلة.
واما قولكم لو لم يكن الجسم في حد ذاته متصلا واحدا يلزم ان يكون اجزاء لا تتجزى كما يستفاد من عبارة الشيخ في الحكمة العلائية والتجرد له عن الأحياز