لا يقطع مسافة محدودة الا في زمان غير متناه لأنه لا بد عند حركه من خروج كل جزء من حيزه ودخوله في حيز جزء آخر وانتقال جزء غيره إلى حيزه فإذا كانت الاجزاء غير متناهية كان زمان القطع غير متناه فارتكبوا في الجواب القول بالطفرة ثم الزموهم أيضا بان كون الجسم مشتملا على ما لا يتناهى من الاجزاء يستلزم ان يكون حجمه غير متناه فالتزموا تداخل الاجزاء.
ثم إن أصحاب النظام الزم أصحاب تناهى الاجزاء تجزيه الجزء القريب من قطب الرحى عند حركه البعيد وقطعه جزء واحدا لكون القريب أبطأ من البعيد والتزموا ان البطئ يسكن في بعض أزمنة حركه السريع ولا يكون ذلك الا بتفكك اجزاء الرحى عند حركتها على مثل دوائر دفية بعضها فوق بعض.
وشنعت كل من الطائفتين على الأخرى واستمر التشنيع عليهما بالطفرة و التفكيك وكذا هؤلاء التزموا سكون المتحرك في لحوق السريع البطئ إذا تحركا على الوجه الذي مر بيانه.
ومما يقوى التشنيع عليهم في التزام التفكك وسكون المتحرك ان نقرر الأول فيما يتفق العقلاء في شدته واستحكامه وعدم تفككه كالفلك الدوار وقد وصف تعالى الأفلاك بالشدة في قوله وبنينا فوقكم سبعا شدادا أو في جسم لو تفكك اجزائه لتناثرت كالفرجار وكان له شعور بذلك بل يبطل حياته وحركته كالانسان إذا دار على نفسه.
والثاني فيما يقع التفاوت بين الحركتين باضعاف اضعاف حركه البطي ء كحركة الفرس والشمس فيما إذا كان نقطه محاذاة الفرس من الفلك الرابع عند ابتداء حركتيهما متقدمة على مركز الشمس بقدر قوس من ذلك الفلك لئلا يبقى لهم مهرب من الأول إلى الاعتذار بالفاعل المختار وتعلق ارادته بتفكيك اجزاء الرحى تارة والصاقها أخرى جهلا بان اراده الباري اجل شانا مما تصوروه.
ثم من العجائب ان يتفطن اجزاء الدوامة والرحى وهما جسمان جماديان