الكثرة فيها وحده وهي التي تدل دلالة صادقة برهانية على وحدانية موجدها و مبدعها وحكمته وقدرته وكرمه وجوده تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام لان دار الوجود إذا كانت واحده فبانيها لا يكون الا واحدا والله من ورائهم محيط وأنت إذا تصورت قدر ما أومأنا إليك وفهمت اطلعت على الحالة التي خلقت لها وندبت إليها و عرفت الأفق الذي يتصل بأفقك والذي يحركك وينقلك في مرتبه بعد مرتبه ويصعد بك طبقا عن طبق فحدث لك الاعتقاد الصادق والايمان الصحيح بنشأتك الباقية وشهدت ما غاب عن عينيك وبلغت إلى أن تتدرج إلى العلوم الشريفة التي اكتسبت إلى الان بعض مباديها وما هو كالآلات في تحصيلها أو تقويم الفهم وتشحيذ الذهن وتقوية العقل الغريزي وتصل إلى معرفه الخلائق وطبايعها ومنها إلى العلوم الإلهية وحينئذ تستعد لمواهب الله عز وجل وعطاياه ويأتيك الفيض الإلهي والسكينة فتسكن عن قلق الطبيعة وحركاتها نحو الاغراض النفسانية وتلحظ طبقات الأكوان وتحيط بالمراتب التي ترقيت فيها شيئا فشيئا وتقلبك في الساجدين من منازل الموجودات.
وعلمت ان كل مرتبه منها محتاجة إلى ما قبلها في وجودها وإذا وصلت الطبيعة إلى التي بعدها باعداد التي قبلها صارت موجبه لما قبلها على وجه آخر وعلمت ان الانسان لا يتم له كماله الا بعد أن يحصل له جميع ما قبله وانه إذا حصل كاملا وبلغ غاية أفقه أشرف نور الأفق الاعلى الإلهي إليه فتصير اما حكيما إلهيا يأتيه الالهامات فيما يتصرف فيه من التصورات العقلية والاحكام العلوية واما نبيا مؤيدا يأتيه الوحي على سبيل المشاهدة لقوه باطنه فيصير حينئذ واسطه بين الملأ الأعلى والملا الأسفل ومبدء هذه الترقيات والتحولات التي تختص بالانسان هو الشوق والإرادة فان الشوق إلى اقتناء العلوم و المعارف ربما ساق الانسان على منهاج قويم وقصد صحيح فيتأدى به إلى غاية كماله وهي السعادة التامة.
لكن ربما اعوج به عن السمت المستقيم والسنن القويم وذلك لأسباب كثيره